فصاح به العمري لا توطئ زرعنا فتوطأه أبو الحسن ع بالحمار حتى وصل إليه فنزل وجلس عنده وباسطه وضاحكه وقال كم غرمت على زرعك هذا فقال مائتي دينار قال فكم ترجو أن يحصل منه قال لست أعلم الغيب قال إنما قلت كم ترجو أن يجيئك فيه قال أرتجي فيه مائتي دينار قال فأخرج له أبو الحسن ع صرة فيها ثلاثمائة دينار وقال هذا زرعك على حاله والله يرزقك ما ترجو قال فقام العمري فقبل رأسه وسأله أن يصفح عن فارطه (١) فتبسم إليه أبو الحسن ع وانصرف وراح إلى المسجد فوجد العمري جالسا فلما نظر إليه قال الله أعلم حيث يجعل رسالاته.
قال فوثب إليه أصحابه فقالوا ما قصتك قد كنت تقول غير هذا فقال لهم قد سمعتم ما قلت الآن وجعل يدعو لأبي الحسن ع فخاصموه وخاصمهم فلما رجع أبو الحسن ع إلى داره قال لأصحابه الذين أشاروا بقتل العمري كيف رأيتم أصلحت أمره وكفيت شره.
وذكر جماعة من أهل العلم أن أبا الحسن ع كان يصل بالمائتي دينار إلى الثلاثمائة دينار وكانت صرار (٢) موسى ع مثلا.
وذكر ابن عمار وغيره من الرواة أنه لما خرج الرشيد إلى الحج وقرب من المدينة استقبله الوجوه من أهلها يقدمهم موسى بن جعفر ع على بغلة فقال له الربيع ما هذه الدابة التي تلقيت عليها أمير المؤمنين وأنت إن طلبت عليها لم تدرك وإن طلبت عليها لم تفت فقال إنها تطأطأت عن خيلاء الخيل وارتفعت عن ذلة العير وخير الأمور أوسطها قالوا ولما دخل الرشيد المدينة توجه إلى زيارة النبي ص ومعه الناس فتقدم إلى قبر رسول الله ص فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا ابن عم مفتخرا بذلك على غيره فتقدم موسى ع إلى القبر
__________________
(١) أي يعفو عما تقدم منه من الإساءة وسوء الأدب.
(٢) جمع صرة.