جاءه الغلام فقال يا سيدي أحمل فطورك فقال احمل وما أحسب أنا نأكل منه فحمل الغلام الطعام للظهر وأطلق عنه عند العصر وهو صائم وقال كلوا هنأكم الله.
قال وكان مرضه الذي توفي فيه في أول شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين وتوفي ع يوم الجمعة لثمان خلون من هذا الشهر وخلف ولده الحجة القائم المنتظر لدولة الحق وكان قد أخفى مولده لشدة طلب السلطان له واجتهاده في البحث عنه وعن أمره فلم يره إلا الخواص من شيعته على ما نذكره بعد وتولى أخوه جعفر أخذ تركته وسعى إلى السلطان بمخلفيه كما تقدم فيما أورده الشيخ المفيد رحمهالله تعالى.
قلت مناقب سيدنا أبي محمد الحسن بن علي العسكري دالة على أنه السري بن السري فلا يشك في إمامته أحد ولا تمتري واعلم أنه متى بيعت مكرمة أو اشتريت فسواه بايعها وهو المشتري يضرب في السورة والفخار بالقداح الفائزة وإذا أجيز كريم للشرف والمجد فاز بالجائزة واحد زمانه غير مدافع ونسيج وحده غير منازع وسيد أهل عصره وإمام أهل دهره فالسعيد من وقف عند نهيه وأمره فله العلاء الذي علا على النجوم الزاهرة والمحتد الذي قرع العظماء عند المنافرة والمفاخرة والمنصب الذي ملك به معادتي الدنيا والآخرة فمن الذي يرجو اللحاق بهذه الخلال الفاخرة والمزايا الظاهرة والأخلاق الشريفة الطاهرة أقواله سديدة وأفعاله رشيدة وسيرته حميدة وعهوده في ذات الله وكيدة فالخيرات منه قريبة والشرور عنه بعيدة إذا كان أفاضل زمنه قصيدة كان ع بيت القصيدة وإن انتظموا عقدا كان مكان الواسعة والفريدة وهذه عادة قد سلكها الأوائل وجرى على منهاجها الأفاضل وإلا كيف تقاس النجوم بالجنادل وأين فصاحة قس من فهاهة باقل فارس العلوم الذي لا يجارى ومبين غامضها فلا يجادل ولا يماري كاشف الحقائق بنظره الصائب مطهر الدقائق بفكره الثاقب المطلع بتوقيف الله على أسرار الكائنات المخبر بتوفيق الله عن الغائبات المحدث في سره