نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ١ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في نفحات الرحمن في تفسير القرآن

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ١ ]

نفحات الرحمن في تفسير القرآن

نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ١ ]

تحمیل

شارك

مع علمكم بنهاية شناعة الكفر بعد الإيمان الراسخ.

ومن البديهيّ أنّ هذا الودّ والتمنّي ليس لأجل تديّنهم ومعرفتهم بحقّانيّة مذهبهم ونصحهم لكم ، بل كان ﴿حَسَداً﴾ عليكم وتشهّيا ﴿مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾ ومن خبث ذاتهم ﴿مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ﴾ وظهر ﴿لَهُمُ الْحَقُ﴾ من نبوّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وحقّانيّة دينه وكتابه بدلالة المعجزات السّاطعة والآيات الباهرة ، ولما عاينوا من إخبار التّوراة بظهوره وأوصافه وعلائمه المنطبقة عليه.

روي أنّ جماعة استأذنوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أن يقتلوا هؤلاء اليهود الذين كفروا بانفسهم ، ودعوا المسلمين إلى الكفر (١) ، فنزل : ﴿فَاعْفُوا﴾ من عقابهم ﴿وَاصْفَحُوا﴾ عن تثريبهم وعتابهم ﴿حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ﴾ فيهم من القتل والتّعذيب ﴿إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ﴾ في كلّ وقت ﴿قَدِيرٌ﴾ لا يعجز عن الانتقام إذا حان حينه وآن أوانه ، فلا تعجل عليهم.

روي عن ابن عبّاس : أنّه منسوخ بآية السّيف (٢) .

وعن الباقر عليه‌السلام : أنّه لم يؤمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقتال حتّى نزل جبرئيل عليه‌السلام بقوله : ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا(٣) وقلّده سيفا ، فكان أوّل قتال قتال أصحاب عبد الله بن جحش ببطن نخل ، وبعده غزوة بدر (٤) .

﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ إِنَّ

اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٠)

ثمّ إنّه بعد تكليف المؤمنين بالعفو والصّفح لصلاح حالهم وسلامة أنفسهم من رحمة الكفّار ، كلّفهم في حال الفراغ بالعبادات البدنيّة التي أهمّها الصّلاة بقوله : ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ المفروضة ، ثمّ بالعبادات الماليّة التي أهمّها الزّكاة بقوله : ﴿وَآتُوا الزَّكاةَ﴾ الواجبة ، لصلاح حالهم وسلامة أنفسهم من نقمة الله. ثمّ بسائر العبادات بقوله : ﴿وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ﴾ وعمل صالح من النّوافل والزّكاة المستحبّة وسائر أنواع البرّ ﴿تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ﴾ إمّا بصورته وحقيقته المثاليّة ، بناء على تجسّم

__________________

(١) تفسير روح البيان ١ : ٢٠٤.

(٢) تفسير أبي السعود ١ : ١٤٦.

(٣) الحج : ٢٢ / ٣٩.

(٤) تفسير الرازي ٣ : ٢٤٥.