عن ( الفقيه ) : عن الرّضا عليهالسلام : « وإنّما جعل التّكبير في صلاة العيد أكثر منه في غيرها من الصّلوات ؛ لأنّ التّكبير إنّما هو تعظيم الله وتمجيده على ما هدى وعافى ، كما قال عزّ وعلا : ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ﴾(١) الخبر.
﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ لله على أفضاله وألطافه من إيجاب الصّوم الذي هو موجب لتهذيب النّفوس في الشّهر الذي هو أفضل الشّهور وتسهيل الأمر فيه ، فإنّ من تفكّر في أنّ الله تعالى مع كمال جلاله واستغنائه راعى صلاح عبيده ومن عليهم بالألطاف العظيمة ، علم أنّه مستحقّ لغاية الشّكر والثّناء ، فيجب عليه المواظبة والاهتمام به بمقدار قدرته وطاقته.
﴿وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا
لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد ما أمر بالتّكبير والشّكر ، رغّب عبيده في الدّعاء وطلب الحوائج لتنبيههم بأنّه تعالى كما يطلب منكم الطّاعة والتّكبير والشّكر ، كذلك هو مع كونه منعما عليكم بنعم لا تحصى مجيب لطلباتكم ومستجيب لدعائكم.
قيل : إنّه تعالى لمّا فرض الصّوم وكان من أحكامه أنّ الصّائم إذا نام حرّم عليه الإفطار ؛ شقّ ذلك على بعضهم حتّى عصوا. ثمّ ندموا وسألوا النّبيّ صلىاللهعليهوآله عن توبتهم (٢) ، فنزل : ﴿وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي﴾ وروي أنّ أعرابيّا قال لرسول الله صلىاللهعليهوآله : أقريب ربّنا فنناجيه ، أم بعيد فنناديه (٣) .
﴿فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ منهم لا بالمكان ، بل بالقيموميّة والإحاطة العلميّة وسعة الرّحمة ، حيث إنّه إذا كان القرب بالمكان مرادا لامتنع أن تتساوى نسبته إلى جميع خلقه.
نقل كلام الفخر الرازي في تنزيهه تعالى عن المكان
نقل الفخر الرازي (٤) [ يروى أنّ إمام الحرمين ] نزل ببعض الأكابر ضيفا ، فاجتمع عنده العلماء وسائر الأكابر ، فقال بعض أهل المجلس : ما الدّليل على تنزيهه تعالى عن المكان وهو قال : ﴿الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى﴾(٥) ؟
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ٣٣١ / ١٤٨٨.
(٢) تفسير الرازي ٥ : ٩٤.
(٣) مجمع البيان ٢ : ٥٠٠ ، تفسير الرازي ٥ : ٩٤ ، لباب النقول : ٣٣.
(٤) وجدناه في روح البيان ، ولم نجده عن الفخر الرازي.
(٥) طه : ٢٠ / ٥.