قائمة الکتاب
[263] قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ
٥٢٨
البحث
البحث في نفحات الرحمن في تفسير القرآن
إعدادات
نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ١ ]
![نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ١ ] نفحات الرحمن في تفسير القرآن](https://stage-book.rafed.net/_next/image?url=https%3A%2F%2Flib.rafed.net%2FBooks%2F4397_nafahat-alrahman-01%2Fimages%2Fcover.jpg&w=640&q=75)
نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ١ ]
تحمیل
أنّه كان قبل البعثة وبعدها غنيّا ذا ثروة ، مع وضوح كون أمير المؤمنين عليهالسلام أمنّ عليه صلىاللهعليهوآله منه ، حيث إنّه عليهالسلام بذل في محبّته نفسه وماله. وكيف كان أبو بكر كثير الإنعام مع بخله بصدقة درهم لنجوى النبيّ صلىاللهعليهوآله ؟ ! ولذلك ترك مكالمة النبيّ صلىاللهعليهوآله ونجواه عشرة أيّام.
والحاصل : أنّه لا دلالة في الآية إلّا على اشتراط أجر الصّدقة بخلوّها عن المنّ والأذى ، وانّهما مبطلان لها ومحبطان لأجرها ، وكونها عند الاقتران بهما حسرة ووبالا ، ولا صراحة بل لا ظهور لها في المدح ، وإنّما الصّراحة فيما نزل في صدقة أمير المؤمنين عليهالسلام من قوله تعالى : ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً﴾(١) .
رواية عامية في فضيلة الحسن بن علي عليهماالسلام
وروى بعض العامّة - في شأن نزول الآية - أنّ الحسن بن علي عليهماالسلام اشتهى طعاما ، فباع قميص فاطمة عليهاالسلام بستّة دراهم ، فسأله سائل فأعطاها ، ثمّ لقي رجلا يبيع ناقة ، فاشتراها بأجل وباعها من آخر ، فأراد أن يدفع الثّمن إلى بائعها فلم يجده. فحكى القضيّة إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : أمّا السائل فرضوان ، وأمّا البائع فميكائيل ، وأمّا المشتري فجبرائيل ، قوله تعالى : ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ ...﴾ الآية (٢) .
أقول : الرواية قرينة على سوق الآية في غاية المدح.
﴿قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (٢٦٣)﴾
ثمّ أكّد سبحانه اشتراط قبول الصّدقة بعدم اقترانها بالمنّ والأذى بقوله : ﴿قَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾ وردّ جميل عند عدم الإنفاق ، كأن يقول للفقير : أنا منفعل منك ، ومعتذر إليك والله يرزقك ، ويوسّع عليك ، حتى يسرّ قلبه ويطيب خاطره ﴿وَمَغْفِرَةٌ﴾ وستر لإلحاف السّائل في المسألة ، وعفو عن تعدّيه في القول وبذاءة لسانه ، وصفح عن إساءته ﴿خَيْرٌ﴾ لكم عند ربّكم ، وأنفع ﴿مِنْ صَدَقَةٍ﴾ تحسبونها خيرا ، إذا كان ﴿يَتْبَعُها أَذىً﴾ وإساءة ؛ لأنّ في الكلام الجميل مسرّة قلب الفقير بلا ضرر عليه ، بخلاف الإعطاء مع المنّ والأذى ، فإنّ فيه ضررا بما يكون تحمّله أشقّ عليه من تحمّل مرارة الفقر ﴿وَاللهُ غَنِيٌ﴾ عمّن ينفق على الفقراء الذين هم عياله ، وعن إنفاقكم ، حيث إنّه بفضله ورحمته يرزقهم من حيث لا يحتسبون ، بل أنتم محتاجون إلى الإنفاق حتّى يكون ذخرا لكم ، وهو ﴿حَلِيمٌ﴾ غير عجول
__________________
(١) الإنسان : ٧٦ / ٨.
(٢) تفسير روح البيان ١ : ٤١٩.