شهد ، فهو في الحقيقة بمنزلة أن يقول لمن شهد عليه فعلا : « هو صادق » كما اعترف به في المسالك في أول كلامه ، وبمنزلة من كان مطلعا مثلا على قيام زيد ، فيقول : « كل من يخبر بقيامه فهو صادق » وإن أخبر به زيد فهو صادق ونحو ذلك.
وقد تصدر هذه العبارة ممن يعلم ببراءة ذمته وأنه لا يقبل فيها شهادة شاهد ولا خبر مخبر ، فيريد من هذا التركيب شبه التعليق على محال ، وهذا المقام غالبا يجرى بين المتخاصمين.
وقد تصدر من الشاك فيريد بها بيان أني أعلم صدق ذلك بشهادة زيد ، وغير ذلك من المقامات التي لا تخفى على من له أدنى خبرة بالمحاورات.
نعم قد يقال إنها مع قطع النظر من سائر المقامات تستلزم الإقرار بالحق باعتبار ظهور الحكم بالصدق في معلومية الواقع لديه ، وهو لا يختلف بالشهادة وعدمها ، وحينئذ يكون التعليق فيها بمعنى أنه إن شهد كان متصفا بالصدق وإن لم يشهد به لم يكن متصفا به ، ضرورة تبعية الصدق للاخبار بالواقع لا للواقع نفسه وإن لم يخبر به ، وحينئذ فالواقع واقع لا يتغير بشهادته وعدمها ، ولكن الاتصاف بالصدق يدور مدار الشهادة وعدمها ، فمن الغريب إطناب ثاني الشهيدين تبعا للشهيد في أن المقام كباقي صور التعليق.
وأغرب منه دعوى إرادة التعليق على المحال من هذا التركيب على كل حال ومثله دعوى احتمالها كذلك لمحتملات متعددة ، ضرورة أنه لا ينكر ظهور الحكم بالصدق لمن أخبر به فعلا أو لمن يقدر إخباره به في اطلاع الحاكم إلى الواقع وانكشافه لديه ، ولذا حكم بصدق من يخبر به.
ومن ذلك كله يظهر لك الوجه فيما ذكره الشيخ والمصنف من الفرق بين تعليق الإقرار على شهادة زيد مثلا وبين تعليق الوصف بالصدق ، وأن الثاني من لوازمه الإقرار بالحق بخلاف الأول ، بل ويظهر لك ما في كثير من الكلمات في المقام