العامل وقصده الرجوع ، فالمقتضي حينئذ موجود والمانع مفقود ، ودعوى اعتبار قصده بالعمل جوابا لإيجابه في الرجوع بالعوض لا دليل عليها ، بل مقتضى إطلاق الأدلة خلافها ، بل ظاهر الفاضل في القواعد احتمال الاكتفاء في الرجوع بالرد لا على قصد التبرع ولا الاستحقاق.
مضافا إلى عدم اعتبار المقارنة بين الإيجاب والقبول وغيرها مما يعتبر في العقود ، مع أنه لا دليل على إخراجها عنها كالوكالة ، بل يقوى في الظن أن الجعالة على نحو التسبيب الصادر من الشارع نحو « من فعل كذا فله كذا » المعلوم كونه غير عقد ، وإطلاق اسم العقد عليها ـ وإن وقع من المصنف وغيره ، بل في معقد إجماع التذكرة أنها عقد جائز ، ولعله لذا قال في جامع المقاصد : « ظاهرهم أنها من العقود الجائزة » فيكون القبول فيها فعليا ، بل حمل بعضهم نفيهم القبول على نفيه لفظا ، كما عبر به الفاضل ـ يمكن حمله على إرادة العهد منه ، بل ينبغي الجزم به ، لصدوره ممن ظاهره أو صريحه الإيقاعية.
وخبر علي بن جعفر (١) عن أخيه عليهالسلام المروي عن كتابه « سألته عن رجل قال لرجل : أعطيك عشرة دراهم وتعلمني عملك وتشاركني هل يحل له ذلك؟ قال : إذا رضي فلا بأس » لا يراد منه القبول العقدي ، بل المراد منه عدم البأس مع تراضيهما على ذلك ، ويؤيده زيادة على ما ذكرنا ترتب أثرها على من لم يرد الفعل أولا ثم أراد وفعل ، حتى لو تلبس بالعمل ثم رفع يدا عنه ثم عاد إليه وإن توقف فيه بعضهم ، بل بناء على العقدية والإيقاعية.
لكن التحقيق صحته للصدق ، وليس ذلك إلا لأنها من باب التسبيب ، وإلا فمع فرض كونها ذلك فسخا أو كالفسخ لا بد من إيجاب جديد ، وجواز مثله في الوكالة من باب الاذن لا من بقاء عقدها ، على أن القبول هنا في الصيغة العامة إذا كان العمل قابلا للتكرار يقتضي كونها بمنزلة عقود متعددة حتى يكون الفسخ من بعضهم مختصا به دون غيره.
_________________
(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من كتاب الجعالة الحديث ١.