فالأول لا يصدق إلا على الكرع منه بخلاف الثاني وإن لم يفرق بينهما في المسالك بل جعل موضوع المسألة الشرب من ماء الفرات ، وحينئذ فالاستثناء في الآية منقطع ، ولا بأس به وإن قلنا بمجازيته ، والله العالم.
المسألة ( الخامسة : )
( إذا حلف لا أكلت رؤوسا ) أو لا شريتها مثلا ( انصرف ) عند الأكثر ( إلى ما جرت العادة بأكله غالبا ) وبيعه منفردا ( كرؤوس البقر والغنم والإبل ) وإن كان الأخير معتادا عند أهل البادية وبعض البلدان ، بل وقرى الحجاز عملا بالانسياق عرفا ، خلافا للمحكي عن ابن إدريس ، فلم يلتفت إلى الانسياق ، وضعفه واضح.
لكن في المسالك « ولعل العرف غير منضبط ، والمصنف حمل الاختلاف على العادة ، وليس بجيد ، بل الاختلاف واقع وإن استقرت العادة في مقابلة اللغة ».
وفيه ( أولا ) أن ما نحن فيه ليس من هذا القبيل ، ضرورة كونه من الانصراف ، وإلا فلا ريب في عدم تجدد عرف في الرأس مخالف للغة. و ( ثانيا ) أنه لا وجه معتد به له مع فرض استقرار العادة في انصراف اللفظ الصادر من أهل العادة على وجه يكون حقيقة ، نعم لو لم يبلغ حد الحقيقة وصار مجازا راجحا بناء على تحققه يكون من تعارض الحقيقة المرجوحة والمجاز الراجح ، ومع فرض التردد فيه إنما يحنث بالمتيقن دون غيره ، نعم لو فرض تقديم الحقيقة لأنها الأصل اتجه حينئذ الحنث بالجميع.
( و ) أما على الأول فـ ( لا يحنث برؤوس الطيور والسمك والجراد ، و ) لكن ( فيه تردد ) وخلاف كما عرفت. ( ولعل الاختلاف ) المزبور