( عادي ) بمعنى أن منشأه اختلاف العادة في الانسياق المزبور باختلاف الأمكنة والأزمنة ، لا أنه مع فرض استقرارها كما سمعته من المسالك ، وقد عرفت الضابط على التقادير كلها ، والله أعلم.
( وكذا ) الكلام ( لو حلف لا يأكل لحما و ) لكن ( هنا يقوى ) عند المصنف ( أنه يحنث بالجميع ) للعرف المؤيد بقوله تعالى (١) : ( وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا ) بل عن ابن إدريس أنه قواه أيضا محتجا بترجيح عرف الشرع على العادة وإن كان هو كما ترى ، ضرورة عدم اقتضاء الإطلاق المزبور العرف الشرعي الذي لا مدخلية له في حمل لفظ الحالف المحمول على عرفه الذي هو إن كان في مثل عرفنا سنة الألف والمأتين والاثنين والخمسين لا يندرج فيه الجراد قطعا بل والسمك.
( ولو حلف لا يأكل شحما لم يحنث ) عند الشيخ ( بـ ) أكل ( شحم الظهر ) الأبيض الملاصق للحم بحيث لا يختلط بالأحمر في الظهر ، لأنه لحم سمين ، ولهذا يحمر عند الهزال.
( و ) لكن ( لو قيل يحنث عادة كان حسنا ) لصدق اسم الشحم عليه دون اللحم فيها ، بل عن ابن إدريس الإجماع على تسميته شحما ، بل لعله في السابق كذلك بدليل استثناء الله تعالى عنه بقوله (٢) ( حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلاّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما ) والأصل فيه الاتصال ، لأنه الحقيقة بخلاف المنفصل الذي لا يحمل عليه الإطلاق إلا مع القرينة ، وإن كان قد يشكل بعد التسليم بأنها موجودة ، لأنه عطف معه ( الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ) وهو لحم اتفاقا فيلزم أن يصير الاستثناء متصلا ومنفصلا ، فحمله في الجميع على المنفصل أولى ، إلا أنه قد يجاب عنه بأن العطف في قوة تكرار العامل المقتضي لتكرار الاستثناء ، فلا يضر اختلافهما بالاتصال والانفصال ، ولو سلم فالتحقيق ما عرفت من أن المدار على العرف الذي هو
_________________
(١) سورة فاطر : ٣٥ ـ الآية ١٢.
(٢) سورة الانعام : ٦ ـ الآية ١٤٦.