فيها حنث باستدامة السكنى أو الإسكان ) لصدق سكناه وإسكانه استدامة كصدقهما ابتداء ، وذلك لأنهما ينسبان إلى المدة ، فيقال سكنتها شهرا وأسكنته كذلك ، إذ الضابط الفارق بين الأفعال المحلوف عليها التي استدامتها كابتدائها في الصدق وغيرها أن ما لا يتقدر بمدة كالبيع والهبة والتزويج وغيرها من العقود والإيقاعات والدخول والخروج ونحو ذلك لا يحنث باستدامتها ، لأن استدامة الأحوال المذكورة ليست كانشائها ، إذ لا يصح أن يقال : بعت شهرا ، ولا دخلت كذلك.
بل قد عرفت أن هذه الاستدامة ليست استدامة للأفعال نفسها ، بل هي بقاء لآثارها ، بخلاف القيام والقعود والسكنى والإسكان واللبس والركوب ونحوها مما يصح نسبتها إلى المدة فيقال : لبسته شهرا. وقمت يوما. وقعدت ليلة. وركبته كذلك. فإنه يحنث باستدامته كابتدائه ، للصدق عليهما على حد سواء ، نعم قد يقع الشك في بعض الأفعال كما تسمعه في التطيب والوطء ونحوهما.
بل جعل ذلك في الدروس قاعدة ، فقال : « قاعدة : الابتداء والاستدامة شيئان ، فما ينسب إلى المدة كالسكنى والإسكان والمساكنة دون مالا ينسب كالدخول والبيع ، وفي التطيب وجهان ، فلو حلف لاسكنت هذه الدار وهو ساكن بها وجب التحول في الحال وإن بقي رحله لا للسكنى ، بخلاف ما لو قال : لا دخلت هذه الدار وهو فيها ، أو لا بعت وقد باع بخيار فاستمر عليه ، أو لا تزوجت وله زوجة فلم يطلقها ».
قلت : كان الوجه في الضابط المزبور أن التقييد بالمدة يقتضي الصدق في تمام المدة ، إلا أنك ستعرف الإشكال في صدق اسم الفعل واسم المصدر ، وإلا فمن المعلوم عدم صدق « لبس » في آنات استدامة اللبس وإن صدق عليه أنه لابس ومتلبس ، نعم قد يطلق الفعل في التقيد بالمدة ويراد الكون والمصدر ، وحينئذ يكون عليه المدار ، فتأمل جيدا.
( و ) كيف كان فلا إشكال في أن من حلف أن لا يسكن هو ( يبر ) يمينه ( بخروجه ) نفسه فورا ( عقيب اليمين ) وإن بقي رحله ومتاعه بل