ظاهر سيد المدارك وصاحب الكفاية ، وإن قويا الأول ، إلا أن الشهرة العظيمة بل لم نجد الخلاف إلا من السيدين المزبورين ترجح الأول ، بل لعل نذر الشكر أعم من المعلق ، إذ قد ينعم الله على الإنسان نعمة ويريد شكرها بنذر بعض العبادات ، قال أبو بصير (١) : « سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : لو أن عبدا أنعم الله عليه نعمة إما أن يكون مريضا أو يبتلى ببلية فعافاه الله من تلك البلية فجعل على نفسه أن يحرم بخراسان فان عليه أن يتم ».
( و ) كيف كان فلا خلاف بيننا في أنه ( يشترط مع الصيغة نية القربة ) بل الإجماع بقسميه عليه ، مضافا إلى صحيح الحلبي (٢) المتقدم في اليمين عن الصادق عليهالسلام « كل يمين لا يراد بها وجه الله عز وجل فليس بشيء في طلاق أو عتق » بناء على إرادة النذر منه.
وعلى كل حال فلا إشكال في اعتبار نية القربة فيه ، لكن على معنى قصد الامتثال بإيقاعه كغيره من العبادات التي تعلق الأمر بإيجادها على جهة الوجوب أو الندب ، ضرورة عدم الأمر به هنا ، بل ظاهر موثق إسحاق بن عمار (٣) كراهة إيقاعه ، قال : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إني جعلت على نفسي شكرا لله ركعتين أصليهما في السفر والحضر ، فأصليهما في السفر بالنهار؟ فقال : نعم ، ثم قال : إني لأكره الإيجاب أن يوجب الرجل على نفسه ، فقلت : إني لم أجعلهما لله علي ، إنما جعلت ذلك على نفسي أصليهما شكرا لله ولم أوجبه لله على نفسي ، فأدعهما إذا شئت قال : نعم ».
بل المراد بها إنشاء الالتزام بذلك لله لا لغرض آخر ، ومن هنا صح لهم
_________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب المواقيت الحديث ٣ من كتاب الحج مع اختلاف يسير في اللفظ وذكره بعينه في التهذيب ج ٨ ص ٣١٠ الرقم ١١٥٢.
(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من كتاب الايمان الحديث ٢.
(٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من كتاب النذر والعهد الحديث ١.