الأول ـ ثم قال ـ : قلت : إن كان المراد التلفظ بالقربة فالحق أنه لا يشترط ، لكن يشترط التلفظ بما يقتضي القربة ، مثل لله علي ، وبدون ذلك لا ينعقد ».
والموجود عندنا في نسختين من الدروس بعد أن اعتبر في تعريف النذر كونه ناويا للتقرب : « وهل يشترط نية القربة للصيغة أو يكفي التقرب في الصيغة؟ الأقرب الثاني » وهو كالصريح فيما ذكرنا.
وفي كشف اللثام في شرح قول الفاضل في القواعد : « ويشترط في الصيغة نية القربة » قال : « بالمنذور وإن كان النذر لجاج اتفاقا ، وللأصل والنصوص ، ويعطيها قوله : لله ، ولا حاجة إلى زيادة قوله : قربة إلى الله ، للأصل وإطلاق النصوص والفتاوى ».
وفيه أن نية القربة بالمنذور غير نية القربة بالنذر ، على أن المنذور نية قربته إنما هو وقت أدائه لا وقت الالتزام به ، ولا يتم أيضا لو كان المنذور مباحا متساوي الطرفين أو راجحا في الدنيا ، وكان الذي دعاه إلى التفسير المزبور هو عدم تصور نية القربة في النذر نفسه مع فرض عدم الأمر به على وجه يكون عبادة ، بل قد سمعت النهي (١) عن الإيجاب لله.
وأغرب من ذلك دعوى الاجتزاء عن نية القربة المعتبرة في العبادات التي هي امتثال الأمر المتعلق بقول : « لله علي » الذي هو إنشاء سبب الالتزام والوجوب ، نحو « لزيد علي هكذا إن فعل كذا » إذ لا يخفى أنه أجنبي عن نية القربة ، ودعوى أنها لازمة له كما سمعته من الروضة واضحة الفساد ، كوضوح فساد ما ذكره فيها جوابا عن الشرطية. و ( بالجملة ) كلماتهم هنا لا تخلو من تشويش.
وتنقيح الحال أنه إن أرادوا اعتبار نية القربة في النذر على نحو اعتبارها في العبادة ـ لأن النذر من العبادات كما يقضي به مضافا إلى ما هنا قولهم بعدم صحة وقوعه من الكافر ، لتعذر نية القربة منه ـ فلا ريب في عدم الاكتفاء عنها
_________________
(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من كتاب النذر والعهد.