لا يشرع المشي عبادة برأسها ، إلا أن الجميع كما ترى.
والأولى الاستناد إلى عموم « من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته » (١) بناء على شمولها للفرض ، سواء قلنا بصحة حجه راكبا أم لا ، لأنه على كل حال فاته الحج عن النذر ، وصحة الحج في نفسه لا يجدي في وفاء النذر ، وإن كان فيه أيضا أنه منصرف إلى غيره من الموقت بأصل الشرع بخلاف النذر الذي مقتضى المخالفة فيه الانحلال المقتضي لعدم القضاء كاليمين وترتب الكفارة ، وإلحاق الموقت بالنذر بالموقت بأصل الشرع قياس بل ومع الفارق ، ضرورة كون المراد بالموقت بالنذر دخول الوقت في المنذور على وجه الجزئية بمعنى كون المنذور حج هذه السنة لا الحج فيها ، وفرق واضح بينهما لعدم تصور قضاء الاولى وتداركه ، لفواته بفوات السنة ، بخلاف الثاني الذي هو ظرف للفعل ، فإنه يمكن قضاؤه بعموم « من فاتته » إلا أنه قد يقال بعدمه في خصوص النذر من حيث ظهور الأدلة بانحلاله بالمخالفة ، وهو مقتض لعدم الخطاب حينئذ ولو قضاء ، هذا كله في القضاء.
أما الكلام في صحة ما وقع منه من الحج في نفسه فقد تقدم تحقيقه في الحج (٢) وفي نذر الموالاة في الوضوء (٣) فلاحظ وتأمل.
( ولو ركب بعضا ) مع القدرة على المشي فهو كما ركب الجميع في الإخلال إلا أن جماعة من الأصحاب منهم الشيخان على ما حكي قالوا هنا لو فعل ذلك ( قضى الحج ومشى ما ركب ) ليجتمع من الحجتين حجة ملفقة ماشيا.
( وقيل ) والقائل المتأخرون ( إن كان النذر مطلقا أعاد ماشيا ، وإن كان معينا بسنة لزمه كفارة خلف النذر ) ولا إعادة ، لنحو ما سمعته سابقا ، بل
_________________
(١) لم نعثر على هذا النص في الاخبار مع التتبع في مظانها من كتب الخاصة والعامة ، والظاهر أنه مأخوذ من صحيحة زرارة المروية في الوسائل في الباب ـ ٦ ـ من أبواب قضاء الصلوات الحديث ١ من كتاب الصلاة.
(٢) راجع ج ١٧ ص ٣٥٢.
(٣) راجع ج ٢ ص ٢٦٣ ـ ٢٦٦.