الخلطاء قد يشتركون في نصاب ، فيجب على أحدهم شيء قليل ، فيكفيه أن يتصدق بدانق أو ما دونه مما يتمول ، ولك أن تقول : إذا حملنا المطلق على الواجب فالأقل من الصدقة غير مضبوط جنسا وقدرا ، بل الأموال الزكاتية مختلفة الجنس ، وليس لواجبها قيمة مضبوطة ، وصدقة الفطرة أيضا واجبة ، وليس لها قيمة مضبوطة ، فامتنع إجراء هذه القول في الصدقة ، وتعين اتباع مفهوم اللفظ » ولا يخفى عليك خلوه عن التحصيل على طوله ، إذ المسألة من الواضحات ، والله العالم.
( ولو نذر الصيام في بلد معين ) مثلا لا مزية للصوم فيه شرعا ( قال الشيخ : ) ( صام أين شاء ) لعدم انعقاد النذر بالنسبة إليه ، لعدم رجحان فيه كما هو المفروض ، والمنذور يعتبر الرجحان في قيده كما يعتبر في وصفه ، لإطلاق ما دل (١) على اعتبار ذلك فيه.
( و ) لكن ( فيه تردد ) من ذلك ومما عرفته غير مرة من أنه لا دليل على اعتبار الرجحان في قيود المنذور بعد انصراف ما دل عليه إلى المنذور نفسه ، والفرض حصوله ، ضرورة رجحان الصوم المقيد في المكان المخصوص من حيث إنه صوم ، فيجب الوفاء به حينئذ ، لعموم ما دل (٢) على ذلك ، بل الصوم المطلق غير منذور حتى يقال باجزاء الصوم حيث شاء ، ولا القيد نفسه أي المكان نفسه حتى يقال لا مزية فيه ، وإنما هو من قبيل نذر المباح ، بل هو الصوم المقيد بكونه في المكان المخصوص ، ولا شك في أنه عبادة راجحة ، فيندرج حينئذ فيما دل على انعقاد مثله.
وبالجملة لا دليل على اعتبار أزيد من الرجحان المزبور ، فلا معارض لإطلاق الأدلة وعمومها. هذا كله مع عدم المزية وإلا فلا إشكال بل ولا خلاف في تعينها بل عن فخر المحققين الإجماع على ذلك ، وإن قال في المسالك : لا يخلو هذه الدعوى
_________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٧ ـ من كتاب النذر والعهد.
(٢) سورة الحج : ٢٢ ـ الآية ٢٩ وسورة الإنسان : ٧٦ ـ الآية ٧ والوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الكفارات الحديث ٦ من كتاب الإيلاء والكفارات.