وفيه ما عرفت من أن الواجب بالنذر ماهية الصلاة ، فيجب فيها المتيقن على تقديري النفل والفرض ، والثلاث والأربع إنما هو في الفرائض المخصوصة التي لا تشمل المنذورة قطعا ، فالمتجه حينئذ الاقتصار على ركعتين ، واحتمال كون المراد الاجتزاء في نذر الصلاة بركعة الوتر مثلا وصلاة المغرب ونحو ذلك مما هو مشروع ـ لأن المراد مشروعية نافلة جديدة بالنذر ركعة أو ثلاث ـ خلاف ظاهر القائل ، وخلاف مقتضى النذر الذي هو السبب في فعلها لا غيره من الأسباب إلا أن يقصد ذلك كما هو واضح.
وفي القواعد « لو نذر صلاة ونوى فريضة تداخلتا ، ولو نوى غيرها لم يتداخلا ، ولو أطلق ففي الاكتفاء بالفريضة على القول بجواز نذر الفريضة إشكال ».
وقد وقع في الدروس مالا يخفى عليك النظر فيه بعد الإحاطة بما ذكرناه ، كما لا يخفى عليك الصحيح منه ، قال : « ولو نذر هيئة غير مشروعة كركوعين في ركعة وسجدة واحدة بطل رأسا ، ولو نذر هيئة في غير وقتها كالكسوف فوجهان ، ولو أطلق عددا لزمه التثنية ، لأنه غالب النوافل ، وقيل : يجوز محاذاة الفرائض فيصلي ثلاثا أو أربعا بتسليمة ، ولو نذر صلاة وأطلق قيل تجزئ الركعة للتعبد بها ، والأقرب الركعتان ، للنهي عن البتراء (١) وفي إجزاء الثلاث أو الأربع الوجهان ، ولا يجزئ الخمس فصاعدا بتسليمة إلا أن يقيده في نذره على تردد ، ولو قيده بركعة واحدة فالأقرب الانعقاد ، والنهي عن التنفل بها ، وقد يلزم منه إجزاء الواحدة عند إطلاق نذر الصلاة ، ولا تجزئ الفريضة عند إطلاق الصلاة على الأقوى ، لأن التأسيس أولى من التأكيد » إلى آخره.
ومن الغريب ما فيه من انعقاد نذر الخمس فصاعدا بتسليمة خصوصا بعد جزمه سابقا بأنه لو نذر هيئة غير مشروعة لم ينعقد.
ثم قال في المسالك : « ولو فصل بين الأزيد من الركعتين بالتسليم ففي شرعية
_________________
(١) نيل الأوطار للشوكانى ج ٣ ص ٢٨.