بلا معارض ، بل والثاني بعدم ما يدل على وجوب التعجيل ، لما عرفت أن الأمر بالوفاء للطبيعة التي لا يقتضي فورا ولا تراخيا لأصالة براءة الذمة من التعجيل بحالها ، بل والأول بناء على إجزاء القيمة في مثله ، ولو لأن مقصوده الصدقة بذلك من حيث قدره لا من حيث عينه ، ولعله لذا تلقاه الأصحاب بالقبول لعدم مخالفته للقواعد بوجه.
ومنه يعلم النظر فيما في المسالك من أنه يبقى الكلام فيما خرج عن النص ، كما لو لم يكن نذر الصدقة بجميع ماله بل ببعضه ، وإن كان الأولى خلافه ، والضرر يندفع بتقويمه ، فهل يعمل به كما في الرواية أم يبطل النذر؟ وجهان من مشاركته للمنصوص في المقتضي ، وكون كل فرد من أفراد ماله على تقدير نذر الجميع منذور الصدقة ، ولم ينظر إلى آحاده ، وإنما نظر إلى المجموع ورجع فيه إلى التقويم ، ومن خروجه عن الأصل ، فيقتصر فيه على مورده ، ولا يلزم من الحكم في الجميع الحكم في الأبعاض ، لأنهما غيران ، وهذا أجود ، إذ قد عرفت أن الأول أجود لا الثاني ، والله العالم.
( ومن نذر أن يخرج شيئا من ماله في سبيل الخير تصدق به على فقراء المؤمنين أو في حج أو في زيارة أو في شيء من مصالح المسلمين ) لأن السبيل الطريق ، فالمراد ما كان وصلة إلى الخير والثواب وطريقا إليه من جميع أنواع القرب ، وعن الشيخ أنه حصر سبيل الخير في الفقراء والمساكين وابن السبيل والغارمين لمصلحة والمكاتبين ، وجعل سبيل الثواب الفقراء والمساكين ويبدأ بأقاربه ، وسبيل الله الغزاة والحج والعمرة ، لكنه كما ترى لا دليل عليه ، بل العرف شاهد بخلافه إلا أن يقصد الناذر ، والله العالم.