الخثعمي (١) قال : « كنا عند أبي عبد الله عليهالسلام جماعة إذ دخل عليه رجل من موالي أبي جعفر عليهالسلام فسلم عليه ثم جلس وبكى ، ثم قال : جعلت فداك إني كنت أعطيت لله عهدا إن عافاني الله من شيء كنت أخافه على نفسي أن أتصدق بجميع ما أملك ، وإن الله عز وجل عافاني منه ، وقد حولت عيالي من منزلي إلى قبة في خراب الأنصار ، وقد حملت كل ما أملك فأنا بائع داري وجميع ما أملك وأتصدق به ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : انطلق وقوم منزلك وجميع متاعك وما تملك بقيمة عادلة ، فاعرف ذلك ، ثم اعمد إلى صحيفة بيضاء فاكتب فيها جملة ما قومته ، ثم انطلق إلى أوثق الناس في نفسك فادفع إليه الصحيفة وأوصه ومره إن حدث بك حدث الموت أن يبيع منزلك وجميع ما تملك فيتصدق به عنك ، ثم ارجع إلى منزلك وقم في مالك على ما كنت فيه ، فكل أنت وعيالك مثل ما كنت تأكل ، ثم انظر إلى كل شيء تصدق به عما يستقبل عليك من صدقة أو صلة قرابة أو في وجوه البر فاكتب ذلك كله وأحصه ، فإذا كان رأس السنة فانطلق إلى الرجل الذي أوصيت إليه ، فمره أن يخرج إليك الصحيفة ، ثم اكتب فيها جملة ما تصدقت وأخرجت من صلة قرابة أو بر في تلك السنة ، ثم افعل مثل ذلك في كل سنة حتى تفي لله بجميع ما نذرت فيه ، ويبقى لك منزلك ومالك إنشاء الله ، قال : فقال الرجل : فرجت عني يا ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله جعلني الله فداك ».
وقد اعترف في المسالك بتلقي الأصحاب له بالقبول ، وكان مخالفته لضوابط النذر أولا بالصدقة بالقيمة عن منذور العين ، وثانيا بعدم وجوب تعجيل الصدقة بما لا يضر به من المال ، وثالثا بعدم بطلان النذر فيما يضر به من الصدقة منه.
ويمكن دفع الأخير بأنه لا وجه للبطلان بعد إمكان دفع الضرر بالطريق الخاص ، فيبقى حينئذ ما دل على وجوب الوفاء بالنذر (٢) مؤيدا بالصحيح المزبور
_________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من كتاب النذر والعهد الحديث ١.
(٢) سورة الحج : ٢٢ ـ الآية ٢٩ وسورة الإنسان : ٧٦ ـ الآية ٧ والوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الكفارات الحديث ٦ من كتاب الإيلاء والكفارات.