الإقرار ، اللهم إلا أن يراد من الاخبار في كلامهم مطلق ما يفيد الاعلام بقول أو فعل ، إلا أنه كما ترى ، وحينئذ فيراد من صيغة الإقرار اضافة البيان لا مثل صيغة البيع الذي هو بمعنى النقل الحاصل بالصيغة وغيرها ، ولعل هذا هو مراد ثاني الشهيدين. وعلى كل حال فالأمر سهل.
نعم قال فيها : « وأراد بالواجب معناه اللغوي ، وهو الثابت ، فيخرج به الاخبار عن حق مستقبل ، فإنه ليس إقرارا وانما هو وعد أو ما في معناه ، وبهذا يستغنى عما عبر به غيره من قوله : « عن حق سابق » وتناوله للحق المؤجل أظهر من تناول السابق له ، لأنه أمر ثابت الان وإن كان استحقاق المطالبة به مستقبلا ويمكن اندراجه في السابق أيضا من حيث إن أصل الحق سابق وانما المستقبل المطالبة به ، وتأخر استحقاق المطالبة أمر خارج عن الإقرار ، لأنه عبارة عن التأجيل ، وذكره في الإقرار بالحق ليس إقرارا ، وإنما هو دفع لما لزم من الاخبار بأصل الحق ، ومن ثم يقبل الإقرار بالحق لا بالأجل ، كما سيأتي » وقد سبقه الى ذلك الكركي في جامعه.
لكن في مجمع البرهان « في عدم كون الإقرار إلا بحق سابق تأمل ، فإن ذلك غير منقول من الشارع ، بل مجرد اصطلاح نجده في بعض كتب الأصحاب ، بل الذي يفهم من ظاهره أعم من ذلك ، ولذلك تراهم يطلقونه على غير ذلك أيضا وهو ظاهر ، الا أنه يمكن أن يقال : الأصل براءة الذمة وعدم لزوم شيء ، والذي علم كونه إقرارا يلزم به ذلك ، وغيره لم يعلم بل ولا يظن بحيث يكون معتبرا ومخرجا للأصل عن أصله ، فيبقى تحت النفي ، فتأمل. فالمعلق بمنزلة وعد بلزوم شيء له بشرط كذا ، ولا دليل على لزومه إذ الأصحاب لم يقولوا بوجوب الوفاء بالوعد على ما يظهر وان كان ظاهر بعض الايات (١) والأخبار (٢) وجوب الوفاء بالوعد ، الا أن في كون ذلك وعدا صريحا أيضا تأملا ، ودخوله
_________________
(١) سورة التوبة : ٩ ـ الآية ٧٧.
(٢) الوسائل الباب ـ ١٠٩ ـ من أبواب أحكام العشرة من كتاب الحج.