إنّ كلام أبي بكر تُهيمن العصبية القبيلة ، وليس هناك في الكلام ما يدلّ علىٰ الأفضلية في الإيمان والتقوىٰ. فإذا كان أبو بكر ـ صاحب الفضائل التي لا تعدّ كما يدّعي بعض أهل السنّة ، والذي قالوا فيه أيضاً : إنّه أفضل الناس بعد النبي صلىاللهعليهوآله ـ هذا هو حاله ، فماذا ينتظر من الأوس والخزرج ؟
إنّ المستشكل يذكر في المقطع الأخير من إشكاله أمراً يثير الدهشة ، إذ يقول : اتضح من الروايات الصحيحة بيان حال المجتمع الذي ربّاه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنّهم ما أن سمعوا حكم الله حتىٰ انقادوا له أجمعين !
وقد أبطلنا هذه الدعوىٰ فيما مضىٰ ، ونتناول الآن ما ذكره من كلام أبي بكر « حكم الله » ، ونسأله : كيف جهلت كلّ تلك المجموع من الأنصار حكم الله ولم يطّلع عليه سوىٰ أبي بكر ؟! وكيف لم يبيّن النبي صلىاللهعليهوآله هذا الحكم الإلهي للناس في وقتٍ كان مأموراً بتبليغ الأحكام الإلهية ؟! إلاَّ أنّ أبا بكر علم بالحكم الإلهي فبيّنه للأنصار ! أليس هذا الكلام يُعدّ إتهاماً للنبي الأكرم بالتقصير في أداء الرسالة وبيان أحكامها ؟! وكيف يمكن أن يجهل عليّ وفاطمة عليهماالسلام ـ وهم أهل بيت الوحي ـ وبنو هاشم وأعاظم صحابة الرسول صلىاللهعليهوآله هذا الحكم ، بل يمتنعون عن قبول بيعة أبي بكر ؟! هل أنّ ما بيّنه أبو بكر هو حكم الله حقاً ، أو أنّه ينطلق من الميول والآمال ؟