حوادث ما بعد البعثة إلى الغدير
لقد واجه النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله منذ فجر الدعوة أعداءً أشداء من قريش ، ولم تكلَّل أعماله الجبّارة إلاّ باعتناق عددٍ قليلٍ من هؤلاء الإسلام ، ومن الطبقات المستضعفة في المجتمع غالباً ، فيما وقف أصحاب المال والسلطان مقابل النبي صلىاللهعليهوآله بكل ما اُوتوا من قوة ، فلم يدّخروا وسعاً للحرب علىٰ الإسلام والقضاء عليه وتضييق الخناق على النبي صلىاللهعليهوآله ، في حين لم يجد الرسول بدّاً من تحريض المسلمين على الهجرة إلى بقاعٍ اُخرىٰ.
ولم يتوانَ النبي صلىاللهعليهوآله عن دعوته ، ولم يدَعْ فرصةً إلاّ وسخّرها لحركته ، ومن هنا التقىٰ ببعض وجوه يثرب ( المدينة ) فدعاهم إلىٰ الإسلام ، فاستجابوا له وبايعوه فيما عرف ببيعة النساء ، والتي ربما سمّيت بذلك ؛ لأنها بيعة لا تتضمّن الحرب والقتال (١).
وأخيراً صمَّم مشركو قريش على قتل النبي للقضاء على الإسلام ، فأعلمه الوحي بمخطّطهم ، فقرّر الخروج من مكة سرّاً في
__________________
(١) السيرة النبوية ، لابن هشام ٢ : ٧٣.