دياجير الليل والهجرة إلى المدينة ، وأمر علياً بالمبيت في فراشه صلىاللهعليهوآله لئلاّ يعلم مشركو قريش بخروجه ، وأبدىٰ عليٌّ استعداده ليضحي بنفسه حفاظاً على روح النبي صلىاللهعليهوآله ، ورقد في فراش الرسول بقلبٍ مطمئنٍّ دون أن يساوره الشك أو الخوف ، فهو المعبّأ بالإيمان ، وقد ألقىٰ بنفسه في مهاوي الردىٰ، في وقتٍ يعلم بأنّ أسنّة الأعداء ستطاله بعد لحظات (١) ، وبذلك تمكّن النبي صلىاللهعليهوآله من الهجرة إلى المدينة.
هاجر النبي صلىاللهعليهوآله إلى المدينة فاستقبله الأنصار هو وأصحابه بحفاوةٍ بالغة ، معلِنِين استعدادهم لمواجهة غطرسة المشركين ، ولم يألوا جهداً في هذا السبيل ، وقد أثنىٰ القرآن على تضحياتهم وإيثارهم في سورة الحشر (٢) ، يذودون عن الإسلام ، ويدكّون قلاع المشركين ، ويخوضون غمار الحرب الدامية ، كل ذلك من أجل الدعوة الإسلامية وانتشارها.
وتمكّنت هذه الثلة في مواجهةٍ غير متكافئةٍ بمعركة بدرٍ أن
__________________
(١) تاريخ الطبري ٢ : ٣٧٢ ، التفسير الكبير ٦ : ٥٠.
(٢) الحشر : ٩ ، من قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ).