المؤلمة هذه ، وهو يطوي لحظاته الأخيرة ، بعد جهادٍ وجهودٍ ومكابدةٍ لصعابٍ في طريق هداية البشر ، وإرساء قواعد مجتمعٍ يقوم على أساس الشريعة المقدسة. إنّها كلمات تدعو للحزن والشجن حينما ترنّ في آذان المسلم وهي تخرج من فم النبي صلىاللهعليهوآله في ليالي الوداع الأخيرة. إنّ ما يبعث على الآهات والزفرات هذا السؤال : لماذا لم يسمحوا للنبي صلىاللهعليهوآله الخاتِم أن يرحل إلى ربّه بقلبٍ ممطمئنٍّ من اُمته على الأقلّ ، بعد كل ما تجرّع من المحن ؟
إنّ كلام النبي صلىاللهعليهوآله هذا يكشف بوضوحٍ المؤامرة التي كانت تُدبَّر بليلٍ لحرف المجتمع عن مسارة الصحيح ، ويُنذر بوقوع فتنٍ متعاقبةٍ بين المسلمين. من هنا يجدر طرح هذا السؤال : مَن هم المتأمرون ؟ وإلى ماذا كانوا يهدفون ؟
نحاول هنا التعرّض لبيان هذه الفتن ، وذلك بالاعتماد على النصوص التاريخية والحديثية.
كان هناك شعور يراود بني اُمية بأنّهم الأجدار من غيرهم لزعامة العرب ، وهذا ما جعلهم في صراعٍ محتدمٍ مع بني هاشم على طول التاريخ ، ومن هنا وقفوا بوجه النبي صلىاللهعليهوآله بعد بعثته ، وسخّروا جميع الإمكانات للتآمر عليه وقادوا الحروب ضدّه ، ولكنهم مُنُوا بالهزيمة ،