الوحي الإلهي إلى وقتٍ آخر. فالظاهر أن كلمة « تطغوا » هي الأصحّ ، وتعني أنّ النبي كان يخشىٰ الطغيان والتمرّد العلني.
ويتّضح من خلال ما بيّنا جواب هذا الإشكال ، وهو : أنّ المقصود من الآية إن كان ولاية علي عليهالسلام فلماذا لم يصل الأمر إليه بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآله ، رغم أنّ الله قد طمأن نبيه من شر الناس ؟ وهل من الممكن الحؤول دون تحقق الوعد الإلهي ؟ (١).
والجواب : أنّ الوعد الإلهي يرتبط بعصمة النبي صلىاللهعليهوآله عن الطغيان والمخالفة العلنية ، وهذا ما وقع ، كما تدلّ عليه رواية الغدير ، فالآية تقول : ( وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) ، ولم تقل : والله يعصمه من الناس ، أي لم تقل : يعصم علياً عليهالسلام ليكون الكلام وعداً إلهياً بوصول عليٍّ عليهالسلام إلى الخلافة الظاهرية.
لقد حدّدت واقعة الغدير وظيفة المسلمين والمجتمع الإسلامي ، فاستقبلها المؤمنون بالله ورسوله برحابة صدر. ولم تكن الظروف مؤاتيةً بالنسبة إلى المخالفين ليعلنوا تمرّدهم ، فتظاهروا جميعاً بالقبول ، وباركوا لعليٍّ عليهالسلام خلافته ، ويدلّ على القبول العام ما قاله أبو
__________________
(١) شبيه هذا الإشكال يطرحه الفخر الرازي في « التفسير الكبير » في بيان آية الإكمال.