إنّ ما ذكر يكشف عن تمرّد عمر وآخرين علىٰ أمر رسول الله ، متّهمين النبي الذي يقول عنه القرآن : ( مَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَىٰ ) (١) بالهَذَيان.
وتتّضح ممّا مرّ أسباب تأخير النبي لتبليغ الوحي ، فهو يحتمل العصيان ؛ وذلك من خلال معرفته الدقيقة بأوضاع المسلمين وأحوالهم ، أي أنّه كان يعلم بأنه لو أعلن عن خلافة علي عليهالسلام فسيقف البعض بوجهه صلىاللهعليهوآله بصورةٍ علنية ولن يرضخ لذلك ، فطمأنه الوحي الإلهي ، كما جاء في المقطع الأخير من آية التبليغ ( وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) أي أنّ الله سيحفظك من شرّ الناس ومخالفتهم العلنية. ويؤيده : ما رواه العياشي في تفسيره ، عن جابر بن عبد الله وابن عباس « فتخوّف رسول الله أن يقولوا : حامىٰ ابن عمه وأن تطغوا في ذلك عليه » (٢).
نعم جاء في بعض النسخ (٣) : « جاءنا » بدلاً من حامىٰ ، و « يطعنوا » مكان « تطغوا » ، وعندها ستكون مخاوف النبي نابعةً من طعن الناس ، وهذا المعنى لا يختلف عما ذكرناه ، وإن كان من المستبعد أن يكون الطعن لوحده هو السبب لإيكال النبي إبلاغ
__________________
(١) النجم : ٣.
(٢) تفسير العياشي ١ : ٣٦٠.
(٣) نفس المصدر ، الهامش ، والميزان في تفسير القرآن ٦ : ٥٤.