.......................................
__________________
عدم المانع شرطا.
ثالثها : أنّ الشرطية مفهوم ثبوتي ، وثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له ، والعدم لا ذات له ، فكيف يثبت له الشرطية؟!
والجواب عن الأوّل : أنّ التضادّ إنما هو بين الشيئين بوجودهما الخاصّ بهما في نظام الوجود ، لا بين ثبوتهما العرضي بثبوت المقتضي ، وأمّا كون اقتضاء المحال محالا فهو أجنبي عما نحن فيه ، فإنه فيما إذا كان شيء واحد مقتضيا لأمرين متنافيين ، لا فيما إذا كان هناك شيئان كان كل واحد منهما مقتضيا لأمر مخصوص ، فإنّ سبب البياض لا يقتضي إلاّ البياض ، وكذا سبب السواد ، وليس هناك سبب يقتضي بذاته البياض والسواد حتى يكون مقتضيا للمحال ، وأما عدم اجتماع الإرادتين لضدّين فليس هو من وجود مقتضي المحال ، بل الإرادة حيث إنها الجزء الأخير من العلّة التامّة للمراد ، ففرض وجودهما فرض وجود المرادين المتضادين بحسب وجودهما الخاصّ بهما في نظام الوجود.
والجواب عن الثاني : أنّ موصل الأثر لا معنى محصّل له إلاّ حامل الأثر والواسطة بين ذات المؤثّر وذات المتأثّر في الثبوت المضاف إلى الأثر ، ومن البديهيّ أنّ المحاذاة لا تحمل الإحراق من النار ، إلى الجسم ، والطهارة لا تحمل الأثر من الصلاة إلى غيرها ، وهكذا.
والجواب عن الثالث : أما أوّلا ـ فيما مرّ منا في بعض الحواشي المتقدّمة (أ) من أن ثبوت شيء لشيء يقتضي ثبوتا مناسبا للمثبت له.
وأما ثانيا ـ فبأنّ الكلام في المقدّمة وكون الشيء متمّما لقابلية القابل ، أو مصحّحا لفاعلية الفاعل ، وإن كان الشرط ـ اصطلاحا أو مفهوما ـ يختصّ بالأمر الوجودي ، كما هو ظاهر أهل فن المعقول ؛ حيث يجعلون عدم المانع من المقدّمات ، مع اختصاص عنوان الشرط بالأمر لوجودي ، والكلام هنا في مجرد المقدّمية والتوقّف.
فإن قلت : مجرّد نفي الاستحالة من الجهات المزبورة ، لا يثبت إمكان وجود المقتضي للضدّ المعدوم بجميع شرائطه ، فإنّ الأمثلة التي يستدلّ بها للوقوع ـ الأخصّ من الإمكان ـ إما من قبيل فقد المقتضي كالإرادتين من شخص واحد ، أو من قبيل فقد الشرط كالإرادتين من شخصين ، حيث إنه لا قدرة لكليهما مع التساوي ، ولأحدهما مع الأقوائية ، ولا بدّ من (ب) الحاكم
__________________
(أ) كما في التعليقة ١٠٦ من هذا الجزء عند قوله : ( وأمّا ما يقال من أنّ العدم ... ) إلى آخر الدفع.
(ب) كذا في الأصل ، لكن الصحيح ظاهراً هو : ( ولا بدّ للحاكم ... من إحراز ... ).