.....................................
__________________
والجواب : أما اولا ـ فبأن كلتا المقدمتين غير صحيحتين :
أما توقّف إحراز تساوي الأفراد في الغرض في المطلق البدلي على أمر آخر ، فنقول : إن مقتضى ملاحظة طبيعي العالم لا بشرط ـ أي غير مقترن بالعدالة والفسق وجودا وعدما ـ كون كلّ خصوصية لغرض غير دخيلة في الغرض وجودا وعدما ، وهو منشأ حكم العقل بالتخيير في المطلق البدلي.
وأما اقتضاء تعليق الحكم على عدم الطبيعة سراية الحكم إلى جميع أعدامها ، فهو وإن كان كلاما مشهوريا ؛ حيث يقال : إنّ وجود الطبيعة بوجود فرد منها ، وعدمها بعدم جميع أفرادها ، إلاّ أنه بلا وجه ، فإن العدم البديل للوجود لا يعقل اختلافه مع ما هو بديله في الحكم ، فإذا لوحظ خصوص وجود ، فبديله عدمه بالخصوص ، وإذا فرض الوجود بحيث لا يشذ عنه وجود فبديله العدم المطلق الذي لا يشذ عنه عدم ، وعليه فكلّ من المطلق الشمولي والبدلي صالح لتقييد الآخر من حيث نفسه من دون توقف على عدم الآخر.
وأما تقديم العامّ على المطلق ، ففيه تفصيل تعرّضنا له إجمالا في البحث عن المطلق والمقيد (أ) ومفصّلا في التعادل والترجيح ب.
وأما ثانيا ـ فبأن ما ذكر في مثل ( لا تكرم فاسقا ) و ( أكرم عالما ) لو صح من حيث تعليق الحكم على عدم الطبيعة ، لا ربط له بما نحن فيه من حيث إطلاق الوجوب وشموله لجميع التقادير ، ولا ينحصر المطلق الشمولي في مثل تعليق الحكم على عدم الطبيعة.
واما ثالثا ـ فما ذكر لو صح ؛ لصحّ في ظاهر من متنافيين يكون أحدهما معلقا على عدم الآخر ظهورا أو حجية ، لا في مثل ما نحن فيه ، فإن إطلاق الهيئة والمادة متلائمان ، ولا قاعدة تقتضي إرجاع القيد إلى الظاهر دون الأظهر ، أو إلى ما يتوقف على عدم الآخر لو كان منافيا له. فتدبر.
ثالثها ـ إن تقييد الهيئة ، وإن لم يستلزم تقييد المادة ، لكنه يستلزم إبطال محلّ إطلاقها ، بخلاف تقييد المادة ، فإنه لا يستلزم ذلك ، وإذا دار الأمر بين تقييدين هكذا ، فالترجيح للتقييد الذي لا
__________________
(أ) التعليقة : ٢٨٩.
(ب) التعليقة : ٤٧ من الجزء السادس عند قوله : ( ومنه تبيّن أنّ العامّ ... ) ص : ٣٤٤.