أقول : وفى هذا المقام كلام مسهب قد بسطنا القول فيه فى كتابنا مغنى اللبيب والأديب عن كتب اللغة والأعاريب وخلاصة القول فيه : ان الخط العربى قد مر بمراحل متتابعة تطور فيها الى حد بلغ فيه الى النحو الذى وصل إلينا فيه اليوم مضبوطا بالحركات والسكنات.
وقد كان خلوا فى بادئ امره منه لعدم اقتضاء الحاجة اليه يومذاك لوجود ملكة الاعراب فى نفوسهم العاصمة لهم عن الخطأ فى النطق الا ان هذا القانون المودع فى اعماقهم قد أصابه الذبول والتذبذب بعد اختلاطهم بالامم الأعجمية وكانت أول بادرة فى طريق تصحيح نهجه وصيانته على يد امير المؤمنين على ابن ابى طالب عليهالسلام ثم وصلت النوبة الى الخليل بن أحمد الفراهيدى الذى كان أول من صنف النقط ورسمه فى كتاب وذكر علله (١).
( الأدب الواجب الثانى ) مس المحدث بالحدث الاكبر القرآن.
لو وجب مس خط المصحف على المكلف المحدث بالحدث الأكبر اما بسبب من قبله أولا على ما تقدم فى المسألة المتقدمة فهو ان كان واجبا فالغسل له واجب والا فهو شرط فى استباحته وكل منهما مبنى على تحريم المس على المحدث حدثا اكبر والمستفاد من ظاهر عبائر اعلام مشايخنا المعتمدين فى مطولاتهم الاستدلالية ان هذا الحكم اجماعى بل نقل المحقق فى المعتبر والعلامة فى المنتهى انه اجماع علماء الاسلام.
ولم يشذ عن هذا الحكم سوى المحكى عن السيد المرتضى رضى الله عنه حيث ذهب الى تحريم مس هامش القرآن للجنب والحائض.
( الأدب الواجب الثالث ) سجود التلاوة :
يجب سجود التلاوة على القارئ كلما قرأ عزيمة من العزائم الأربع وهى :
١ ـ فى سورة السجدة قوله عز وجل : ( إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا
__________________
(١) كتاب النقط للدانى ص ١٣٣.