تشارفت الالفاظ وتفاضلت وكلما ارتقى الفكر الى أوج الكمال ساوقته الالفاظ الصادرة عنه بنفس النسبة وهنا يكمن السر في عظمة ذلك الاعجاز القرآنى لا أنه كل من تمكن من التسلط على اسرار اللغة ومسائلها قدر على انشاء مثل القرآن ولو كان الامر كذلك لكان فصحاء قريش من الكفار وبلغائهم أولى بتلك الاستطاعة والاقتدار على مضارعته وتحديه ومجاراته.
قال شيخ الطائفة فى تصديره لتفسيره الموسوم بالتبيان :
اما الكلام فى زيادته ونقصانه فمما لا يليق به ايضا لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانها والنقصان منه فالظاهر ايضا من مذهب المسلمين خلافه
وهو الاليق بالصحيح من مذهبنا وهو الذى نصره المرتضى (ره) وهو الظاهر فى الروايات غير انه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصة والعامة بنقصان كثير من أى القرآن ونقل شىء منه من موضع الى موضع طريقها الآحاد التى لا توجب علما ولا عملا والاولى الاعراض عنها وترك التشاغل بها لانه يمكن تأويلها ولو صحت لما كان ذلك طعنا على ما هو موجود بين الدفتين فان ذلك معلوم صحته لا يعترضه أحد من الامة ولا يدفعه.
ورواياتنا متناصرة بالحث على قراءته والتمسك بما فيه ورد ما يرد من اختلاف الاخبار فى الفروع اليه.
وقد روى عن النبى (ص) رواية لا يدفعها أحد انه قال : ( اني مخلف فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علىّ الحوض ) وهذا يدل على انه موجود فى كل عصر لانه لا يجوز ان يأمر بالتمسك بما لا نقدر على التمسك به كما ان اهل البيت ومن يجب اتباع قوله حاصل فى كل وقت واذا كان الموجود بيننا مجمعا على صحته فينبغي ان نتشاغل بتفسيره وبيان معانيه ونترك ما سواه. اه (١)
__________________
(١) التبيان فى تفسير القرآن ج ١ ص ٣ ـ ٤