قال شيخ الطائفة قدسسره :
«مما يُقطع على أنه سببٌ لغيبة الامام ، هو خوفه على نفسه بالقتل ، باخافة الطالمين إيّاه ، ومنعهم اياه من التصرّف فيما جُعل اليه التدبير والتصرف فيه ....
واذا خاف على نفسه ، وجبت غيبته ولزم استتاره ، كما استتر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تارة في الشعب ، واُخرى في الغار ، ولا وجه لذلك الا الخوف من المضار الواصلة اليه» (١).
وعليه فحفظ النفس بالإستتار أمرٌ عرفيّ عقلي ، بل هو عملٌ مرغوب شرعي ، يدعو اليه العقل والعقلاء حتى لمن عَلِمَ من نفسه قوّة البقاء.
وحصيلة البحث في المقام :
أنه لا مناص من حفظ النفس بالاستتار ، في سبيل إقامة الدين الأكمل في وقته الأمثل.
فغاب الامام عليهالسلام ليظهر في الوقت المناسب يداً إلهيّة ، تعلو فلا تُطال؛ وكلمةً حقّة تدوي فلا تُردّ.
ثم إنه قد تُطرح في المقام تساؤلات فيحسن الاجابة عنها ، من ذلك :
سؤال ١ : هلاّ منع اللّه تعالى من قتله وحال بينه وبين اعدائه ، ليبقى ظاهراً باقياً الى زمان دولته؟
الجواب : إن أمر اللّه تعالى له بالاستتار ، نوع من المنع عن قتله. فانه ليس كل المنع عنه هو تعجيز الظالمين بالقهر والغلبة عن قتله.
بل إن الحيلولة بينهم وبينه قهراً ، ينافي التكليف ، ويضاد الاختيار ، ويُبطل الثواب والعقاب ، ولا جبر ولا تفويض بل أمرٌ بين الأمرين وهو الاختيار.
__________________
(١) الغيبة : ص ٦١.