فقام الرجل فأخرج كتاباً افضل (١) من النصف المدرج فناوله القاسم. فاخذه وقبّله ودفعه الى كاتب له يقال له ابن أبي سلمة.
فاخذه أبو عبداللّه ففضّه وقرأه حتى احس القاسم بنكاية (٢) ، فقال : يا ابا عبداللّه ، خير.
فقال : خير.
فقال : ويحك! خرج فيّ شيء؟
فقال ابو عبداللّه : ما تكره فلا.
قال القاسم : فما هو؟
قال : نعى الشيخ الى نفسه بعد ورود هذا الكتاب باربعين يوماً ، وقد حمل اليه سبعة اثواب.
فقال القاسم : في سلامة من ديني؟
فقال : في سلامة من دينك.
فضحك رحمهالله فقال : ما اؤمل بعد هذا العمر.
فقام الرجل الوارد فاخرج من مخلاته ثلاثة ازر وحبرة يمانية حمراء وعمامة وثوبين ومنديلاً ، فاخذه القاسم.
وكان عنده قميص خلعه عليه مولانا الرضا أبو الحسن عليهالسلام.
وكان له صديق يقال له : عبدالرحمن بن محمد البدري ، وكان شديد النصب ، وكان بينه وبين القاسم ـ نضر اللّه وجهه ـ مودة في امور الدنيا شديدة ،
__________________
(١) قوله : «افضل من النصف» الخ ، يصف كبره ، أي كان اكبر من نصف. «ورق مدرج» اي مطوي. قاله في البحار.
(٢) كذا في النسخة الايرانية ، وفي : كتاب فرج المهموم لابن طاووس : «ببكائه» ، ولعله الصحيح ، فراجع.