وكان القاسم يوده ، وقد كان عبدالرحمن وافى الى الدار لاصلاح بين أبي جعفر بن حمدون الهمداني وبين ختنة ابن القاسم.
فقال القاسم لشيخين من مشايخنا المقيمين معه ـ أحدهما يقال له : أبو حامد بن عمران المفلس ، والآخر : أبو علي بن جحدر ان ـ أقرِئا هذا الكتاب عبدالرحمن بن محمد ، فاني أحب هدايته وارجو يهديه اللّه بقراءة هذا الكتاب.
فقالا له اللّه اللّه اللّه ، فان هذا الكتاب لا يحتمل ما فيه خلق من الشيعة ، فكيف عبدالرحمن بن محمد.
فقال : أنا اعلم أني مفش لسر لا يجوز لي اعلانه ، لكن من محبتي لعبدالرحمن بن محمد وشهوتي أن يهديه اللّه عزّ وجلّ لهذا الأمر هوذا ، أقرئه الكتاب.
فلما مر ذلك اليوم ـ وكان يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من رجب ـ دخل عبدالرحمن بن محمد وسلم عليه. فاخرج القاسم الكتاب فقال له : اقرأ هذا الكتاب وانظر لنفسك.
فقرأ عبدالرحمن الكتاب ، فلما بلغ الى موضع النعي ، رمي الكتاب عن يده وقال للقاسم : يا ابا محمد ، اتق اللّه! فانك رجل فاضل في دينك متمكن من عقلك ، واللّه عزّ وجلّ يقول : (وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي ارض تموت) وقال : (عالم الغيب لا يظهر على غيبة احداً).
فضحك القاسم وقال له : أتمّ الآية (إلا من ارتضى من رسول) ، ومولاي عليهالسلام هو الرضا من الرسول.
وقال : قد علمتُ أنك تقول هذا ، ولكن أرّخ اليوم فان أنا عشت بعد هذا اليوم المؤرَّخ في هذا الكتاب ، فاعلم أني لست على شيء ، وإن انا مِتُّ فانظر لنفسك.