والتفت القاسم الى ابنه الحسن ، فقال له : إن اللّه منزلك منزلة ومرتبك مرتبة ، فاقبلها بشكر.
فقال له الحسن : يا أبه ، قد قبلتها.
قال القاسم : على ماذا؟
قال : على ما تأمرني به يا أبه.
قال : على أن ترجع عما أنت عليه من شرب الخمر.
قال الحسن : يا أبه ، وحق من أنت في ذكره لأرجعن عن شرب الخمر ومع الخمر اشياء لا تعرفها.
فرفع القاسم يده الى السماء وقال : اللهم ألهم الحسن طاعتك ، وجنبه معصيتك ـ ثلاث مرات ـ.
ثم دعا بدرج فكتب وصيته بيده رحمهالله ، وكانت الضياع التي في يده لمولانا وقف وقفه أبوه.
وكان فيما أوصى الحسن أن قال : يا بني ، إن اهلت لهذا الأمر ـ يعني الوكالة لمولانا ـ. فيكون قوتك من نصف ضيعتي المعروفة بفرجيذه ، وسائرها ملك لمولاي ، وإن لم تؤهل له فاطلب خيرك من حيث يتقبل اللّه.
وقبل الحسن وصيته على ذلك ، فلما كان في يوم الأربعين وقد طلع الفجر ، مات القاسم رحمهالله.
فوافاه عبدالرحمن يعدو في الأسواق حافياً حاسراً وهو يصيح : وا سيداه.
فاستعظم الناس ذلك منه وجعل الناس يقولون : ما الذي تفعل بنفسك؟
فقال : اسكنوا ، فقد رأيت ما لم تروه ، وتشيّع ورجع عما كان عليه ، ووقف الكثير من ضياعه.
وتولّى ابو علي بن جحدر غسل القاسم ، وابو حامد يصب عليه الماء ،