.................................................................................................
______________________________________________________
وكما أن بيننا وبين موالينا صلوات الله عليهم من أرباب العصمة والطهارة درجات غير متناهية لا يمكن لأحدنا وإن عرج على معارج القرب والكمال أن يصلي إلى أدنى منازلهم ، فكذا بينهم عليهمالسلام وبين جناب الألوهية وساحة الربوبية معارج غير متناهية كلما صعدوا بأجنحة الرفعة والكمال على منازل القرب والجلال ، لا تنتهي تلك المعارج ، ويعدون أنفسهم في جنب ساحة القدس مثل الذرة أو دونها.
وقد أفيض على وجه وجيه في استغفار النبي والأئمة صلوات الله عليهم يناسب هذا الوجه ، وهو أنهم صلوات الله عليهم لما كانوا دائما في الترقي في مدارج المعرفة والقرب والكمال ، ففي كل آن تحصل لهم معرفة جديدة وقرب جليل وكمال عتيد عدوا أنفسهم مقصرين في المرتبة السابقة في المعرفة والقرب والطاعة ، فكانوا يستغفرون منها ، وهكذا إلى ما لا نهاية لها ، وقد ورد في الروايات الكثيرة أن أشرف علومنا علم ما يحدث بالليل والنهار آنا فآنا ، وساعة فساعة.
ويؤيده ما روي في تأويل قوله سبحانه : ( وَلَدَيْنا مَزِيدٌ ) (١) أن أهل الجنة في كل يوم جمعة يجتمعون في موضع يتجلى لهم الرب تبارك وتعالى بأنوار جلاله ، فيرجع المؤمن بسبعين ضعفا مما في يديه فيتضاعف نوره وضياؤه ، وهذا كناية عن تضاعف قربه ومعرفته.
الثاني : أن تكون سببا لزيادة المثوبات الأخروية وإن لم تصر سببا لمزيد قربهم وكمالهم ، وكيف يمنع ذلك عنهم وقد ورد في الأخبار الكثيرة وصول آثار الصدقات الجارية والأولاد والمصحف ، وتعليم العلوم والعبادات إلى أموات المؤمنين والمؤمنات ، وأي دليل دل على استثنائهم عن تلك الفضائل والمثوبات ، بل هم آباء هذه الأمة المرحومة والأمة عبيدهم وببركتهم فازوا بالسعادات ، ونجوا من الهلكات ، وكلما صدر عن الأمة من خير وسعادة وطاعة يصل إليهم نفعها وبركتها
__________________
(١) ق : ٣٥.