ذكري في الخلوات واعلم أن سروري أن تبصبص إلي وكن في ذلك حيا ولا تكن ميتا.
______________________________________________________
كما أثنيت على نفسك ويقال : اختار الله لنفسه أسماء لأن النفس قد تطلق ويراد بها ما وضع الله في ذوات الأنفس من الحيوان والإنسان يدعوه إلى ما يشتهيه من مثل الأكل والشرب والجماع ، قال تعالى : ( إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ) (١) وقد يراد بها ذات الشيء وعينه ، تقول : اشتريت لنفسي وبنيت لنفسي ، ومثله قولك : أخذته لنفسي وأخذت منه حق نفسي ولها معان غير ما ذكر أحدث بعضها المتفلسفون الباحثون في النفس والعقل والروح ، وقال الراغب : النفس الروح في قوله عز وجل ( أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ ) (٢) وقال تعالى : ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ) (٣) وقوله تعالى : ( تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ ) (٤) وقوله عز وجل : ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ ) (٥) فنفسه ذاته ، وهذا وإن كان قد حصل من حيث اللفظ مضاف ومضاف إليه يقتضي المغايرة وإثبات شيئين من حيث العبارة ، فلا شيء من حيث المعنى سواه تعالى من الاثنوية من كل وجه ، وقال بعض الناس : إن إضافة النفس إلى الله تعالى إضافة الملك ، ويعني بنفسه نفوسنا وأضاف إليه على سبيل الملك ، انتهى.
وقيل : النفس تطلق على الدم وعلى نفس الحيوان وعلى الذات وعلى الغيب. ومنه قوله تعالى : « وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ » أي في غيبك والأولان يستحيلان في حقه تعالى دون ، وقيل : المراد بالذكر النفساني في قوله اذكر في نفسك ذكر لا يعرفه غير الذاكر ، وفي قوله : أذكرك في نفسي ، جزاء ذلك الذكر يعني أجازيك وأرجعك لأجل الذكر ، فسمي جزاء الذكر ذكرا وليس المراد به الذكر
__________________
(١) يوسف : ٥٣.
(٢) الأنعام : ٩٣.
(٣) البقرة : ٢٣٥.
(٤) المائدة : ١١٦.
(٥) آل عمران : ٣٠.