وبك اللهم أنت الغني عني وبي الفاقة إليك أنت الغني وأنا الفقير إليك أقلتني عثرتي وسترت علي ذنوبي فاقض لي اليوم حاجتي ولا تعذبني بقبيح ما تعلم مني بل عفوك وجودك يسعني قال ثم يخر ساجدا ويقول يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة يا بر يا رحيم أنت أبر بي من أبي وأمي ومن جميع الخلائق
______________________________________________________
وأظن أنك غفرت لي ، وفي القاموس الخر السقوط كالخرور أو من علو إلى سفل يخر ويخر والهجوم من مكان لا يعرف.
وأقول : كان المراد هنا الاستعجال والمبادرة في السقوط أو السقوط الكامل بحيث ينبطح على الأرض ، أو سقوط مع صوت وتسبيح ، قال الراغب : معنى خر سقط سقوطا يسمع منه خرير والخرير يقال لصوت الماء والريح وغير ذلك مما يسقط من علو ، وقوله عز وجل ( خَرُّوا لَهُ سُجَّداً ) (١) فاستعمال الخر تنبيه على اجتماع أمرين السقوط وحصول الصوت منهم بالتسبيح وقوله من بعد ( وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ) (٢) تنبيه على أن ذلك الخرير كان تسبيحا بحمد الله لا بشيء آخر.
« يا أهل التقوى » أي أهل لأن يتقى من عقوبته ومخالفته لعظمته وجلاله وقدرته وأهل لأن يغفر ذنوب عباده بفضله ورحمته إشارة إلى قوله تعالى ( هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ) (٣) وقال في المجمع أي هو أهل أن يتقى محارمه وأهل أن يغفر الذنوب ، وروي مرفوعا عن أنس قال إن رسول الله تلا هذه الآية فقال قال الله سبحانه : إنا أهل إن أتقى فلا يجعل معي إله فمن اتقى أن يجعل معي إلها فإنا أهل أن اغفر له. وقيل : معناه هو أهل أن يتقى عقابه ، وأهل أن يعمل له بما يؤدي إلى مغفرته انتهى ، وقال البيضاوي : أي حقيق بأن يتقى عقابه انتهى ، وقيل : أهل لأن يتقي الذاكرين عن الفساد أو لأن يتقي من مخالفة الذاكرين كما قرأ ( إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ) (٤) برفع الجلالة ونصب العلماء أو أهل لأن يوفق المتقين
__________________
(١) يوسف : ١٠٠.
(٢) السجدة : ١٠.
(٣) الملك : ١٢.
(٤) فاطر : ٢٨.