الْعَرْشِ الْعَظِيمِ » ـ وقال : إذا انصرفت من صلاة مكتوبة فقل : « رضيت بالله ربا
______________________________________________________
فإني سمعت الله جل وتقدس يقول بعقبها ( فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا ) وعجبت لمن أراد الدنيا وزينتها كيف لا يفزع إلى قوله تبارك تعالى ( ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ ) (١) فإني سمعت الله عز اسمه يقول بعقبها ( إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ ) وعسى موجبة وأقول : ذكر بقية الآيات في هذا الدعاء حسن طلب بمضمونها.
« ما شاء الله » أي كان قطعا لما فيه من المصلحة لا جميع ما شاء الناس إذ قد لا تكون فيه مصلحة « ما شاء الله وإن كره الناس » كالأمراض والبلايا والمصائب والفقر وغيرها وفيه إشارة إلى الرضا بالقضاء ، ودلالة على أن استجابة الدعوات تابعة للمصالح كما حققنا سابقا « من المربوبين » أي عوضهم قوله عليهالسلام « منذ قط » كان فيه تقدير أي منذ كنت أو خلقت وقط تأكيد أو قط هنا بمعنى الأزل أي من أزل الآزال إلى الآن أو منذ كان الدهر والزمان وقط ، وإن كان غالبا تأكيدا للنفي فقد يأتي لتأكيد الإثبات ، وربما يقرأ بصيغة فعل الماضي أي منذ خلقني وأفرز مودتي عن سائر المواد.
وأقول : على هذا يحتمل أن يكون كناية عن تقدير الأشياء والقطع عليها في الألواح السماوية ، وكان المعنى الثاني أظهر الوجوه.
قال في القاموس : القط القطع وما رأيته ويضم ويخففان ، وقط مشددة مجرورة بمعنى الدهر مخصوص بالماضي أي فيما مضى من الزمان أو فيما انقطع من عمري وإذا كانت بمعنى حسب فقط كعن ، وقط منونا وقطي ، وإذا كان اسم فعل بمعنى يكفي فيزاد نون الوقاية ، ويقال قطني ويقال قطك أي كفاك وقطني أي كفاني ، ومنهم من يقول قط عبد الله درهم فينصبون بها ، وقد تدخل النون فيها وتنصب بها فتقول قطن عبد الله درهم ثم قال وإذا أردت بقط الزمان فمرتفع أبدا غير منون ، وما رأيت مثله قط فإن قللت بقط فاجزمها ما عندك إلا هذا قط ، ثم
__________________
(١) الكهف : ٣٩.