حلالا واسعا طيبا من رزقك ».
______________________________________________________
والطيب مترادفان ، أو الحلال ما أحله الشارع ولم يرد فيه نهي ، والطيب ما تستطيبه النفس وتستلذه ، وقيل : الطيب يقال لمعان ( الأول ) المستلذ ( الثاني ) ما حلله الشارع ( الثالث ) ما كان طاهرا ( الرابع ) ما خلا عن الأذى في النفس والبدن ، وهو حقيقة في الأول لتبادره إلى الذهن عند الإطلاق ، والخبيث يقابل الطيب بمعانيه.
وقال البيضاوي في قوله تعالى ( يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً ) (١) نزلت في قوم حرموا على أنفسهم رفيع الأطعمة والملابس ، وقال : طيبا تستطيبه الشرع أو الشهوة المستقيمة إذ الحلال دل على الأول.
وقال النيسابوري فيها : حلالا مفعول كلوا أو حال مما في الأرض ، وهو المباح الذي انحلت عقدة الخطر عنه من الحل الذي يقابل العقد ، ثم الحرام قد يكون حراما في جنسه كالميتة والدم ، وقد يكون حراما لعرض كملك الغير إذا لم يأذن في أكله فالحلال هو الخالي عن القيدين ، والطيب إن أريد به ما يقرب من الحلال لأن الحرام يوصف بالخبث ( قل لا يستوي الخبيث والطيب ) فالوصف لتأكيد المدح مثل نفحة واحدة أي الطاهر من كل شبهة ، ويمكن أن يراد بالطيب اللذيذ أو يراد بالحلال ما يكون بجنسه حلالا وبالطيب ما لا يتعلق به حق الغير انتهى. ويظهر من هذا الخبر أن الحلال أخص من الطيب ، والطيب ما هو طيب في ظاهر الشريعة سواء كان طيبا في الواقع أم لا ، والحلال ما هو حلال وطيب في الواقع لم تعرضه الخباثة والنجاسة قطعا ، ولم تتناوله أيدي المتغلبة أصلا في وقت من الأوقات.
وكونه قوت النبيين والمصطفين ، إما لأنه لا يتيسر العلم بذلك إلا لهم بالوحي والإلهام ، وإما لندرة وجوهه ولا يمكن لأكثر الناس الصبر عليه والقناعة به
__________________
(١) البقرة : ١٦٨.