من ذلك يا إلهي غنى عن شرار خلقك وبلاغا أنال به رضوانك وأعوذ بك يا إلهي من شر الدنيا وشر ما فيها لا تجعل الدنيا علي سجنا ولا فراقها علي حزنا أخرجني من فتنتها مرضيا عني مقبولا فيها عملي إلى دار الحيوان ومساكن
______________________________________________________
من غير أن تترفني الحر للتحرز عن الضيق والشدة وترك حقوق الناس بالطغيان والتكبر ونحوهما فلا تكرار ، أعني من ذلك يا إلهي غنى عن شرار خلقك قيل من للبدلية وذلك إلى الإقلال أو إلى كل من الإقلال والإكثار ، وقيل ذلك إشارة إلى حلال رزقك أو إلى سبب فضلك ، ولكل وجه « والشرار » جمع شرير كفصال جميع فصيل ، وقيل : إنما طلب الغناء عن الشرار لأن الناس يحتاج بعضهم إلى بعض في أمير المبدأ والمعاد والمعاش وليس لأحد منهم غنى عن الآخر بالكلية فغاية المرام طلب الغناء عن اللئام والشرار دون الكرام والأخيار.
« وبلاغا أنال به رضوانك » قيل : نيل الرضوان بالطاعة ، والطاعة بالقدرة والقدرة بالبلاغ ، وهو قدر ما يكفي في التعيش والبقاء من غير زيادة ونقصان ، ولذلك طلبه لتحصيل الغايات المذكورة. قوله « وما فيها » العطف للتفسير ، أو المراد بشر الدنيا شر متاعها وزينتها الخادعة ، أو شر النوازل والنوائب الموجعة وبشر ما فيها شر الفسقة والظلمة « لا تجعل على الدنيا سجنا » بضنك العيش وكثرة المصائب والفتن « ولا فراقها على حزنا » بشدة التعلق بها والحب لها لجمع زخارفها وإنما فصل الفقرتين لكونهما مؤكدتين للسابق من الاستعاذة من شر الدنيا وشر ما فيها ، أو ما طلبه من الكفاف محترزا من الإكثار والإقلال « أخرجني من فتنتها » وهي كلما يشغل القلب عن ذكر الله أو محنة التكاليف وكثرة البلايا اللازمة للدنيا وإنما فصله لأنه تأكيد لما مر في الدعاء الجامع الشبيه بهذا الدعاء في التهذيب أجرني من فتنتها واجعل عملي فيها مقبولا وسعى فيها مشكورا مرضيا ، عنى الظرف نائب مناب الفاعل وهو ما بعده حالان عن مفعول أخرجني « إلى دار الحيوان »