.................................................................................................
______________________________________________________
والقرينة على إرادة هذا المعنى أنه قال في الثاني نصف صلواتي ولم يقل ثلثي صلواتي لأنه يحصل الكسر حينئذ أو الاختلاف بأن يدعو بعد صلاة دعاء واحدا وبعد أخرى دعائين.
ولا يخفى ما فيه من التكلف مع أنه يرجع إلى ما ذكرنا أولا ولا تكلف فيه.
ثم اعلم أنه روي في المصباح والمشكاة نقلا عن الترمذي بإسناده عن أبي بن كعب قال : قلت : يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال : ما شئت ، قلت : الربع؟ قال : ما شئت فإن زدت فهو خير لك. قلت : النصف؟ قال : ما شئت فإن زدت فهو خير لك ، قلت : فالثلثين ، قال : ما شئت فهو خير لك ، قلت : أجعل لك صلاتي كلها؟ قال : إذا يكفي همك ويكفر لك ذنبك.
وقال الطيبي في شرح المشكاة نقلا عن بعضهم : المعنى كم أجعل لك من دعائي الذي أدعو به لنفسي ولم يزل يفاوضه ليوقفه على حد من ذلك ولم ير النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يحد له في ذلك حدا لئلا يلتبس الفضيلة بالفريضة أولا ، ثم لا يغلق عليه باب المزيد ثانيا ، فلم يزل يجعل الأمر فيه إليه مراعيا للترغيب والحث على المزيد حتى قال : إذن أجعل لك صلاتي كلها ، أي أصلي عليك بدل ما أدعو به لنفسي ، فقال : إذا يكفي همك أي ما يهمك من أمر دينك ودنياك ، وذلك لأن الصلاة عليه مشتمل على ذكر الله تعالى وتعظيم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والاشتغال بأداء حقه عن مقاصد نفسه وإيثاره بالدعاء له على نفسه وما أعظمها من خلال جليلة الأخطار وأعمال كريمة الأعصار. وأدى هذا الحديث تابعا في المعنى لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم حكاية عن ربه عز وجل : من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين.
ثم قال : وأقول ، قد تقرر أن العبد إذا صلى مرة على النبي صلى الله عز وجل عليه عشرا ، وأنه إذا صلى وفق للموافقة لله تعالى ، ودخل في زمرة الملائكة