....
____________________
سحروا »
وقيل في قوله تعالى : « وما أنزل على الملكين » الخ أن « ما » نافية ، والظاهر أنها موصولة ، يشير إلى أن الله عزوجل أنزل ملكين ببابل ـ وكان عاصمة السحرة يومئذ ـ فتصورا وتمثلا بصورة رجلين وتسميا باسم هاروت وماروت ، وأظهرا علم السحر وأسراره لعامة الناس حتى يعرفوا أن شياطين السحرة كاذبون في دعواهم بأن السحر علم سماوى نزل على سليمان لتشييد ملكه وسلطانه ، ويتبين لهم أن السحر ليس الا مخرقة وتمويه أباطيل لا حقيقة لها بصورة خارقة للعادة.
وهذان الملكان ـ هاروت وماروت ـ حيثما علما أحدا من الناس السحر وأظهروه على حقيقته كانا يقولان « انما نحن فتنة » أى بوتقة خلاص وامتحان انما نعلمك السحر ليخلص الحق من مزاج الباطل ، ويعرف السحر من معجزة الحق ، ويظهر الساحر الكاذب الكافر من النبى الصادق المؤمن للحق ، « فلا تكفر » أنت بعد تعلم أسرار السحر أى لا تسحر ولا تعمل السحر.
فكان الناس يتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه لما كانت الشياطين تفعل ذلك كثيرا بأهالى بابل ، ويأخذون على ذلك الاجر تارة من هذا للتفريق بين زوجين معينين وتارة منهما أو من أحدهما لحل ذلك والتأليف بينهما ، فبعد ما ظهرت العامة بأسرار السحر ـ خصوصا ما كان شايعا فيهم من التفريق بين المرء وزوجه ـ سقط الساحرون من شوكتهم وقدرتهم ، وبلغ أمر الله وكان امر الله قدرا مقدورا.
وقوله « وما انزل » عطف على
قوله « ما تتلوا الشياطين » والمعنى أن بنى اسرائيل
لخبثهم وحرصهم على المال والجاه اغتنموا الفرصة واتبعوا ما أنزل على الملكين من
السحر كما اتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان فضموا سحر الشياطين مع سحر
الملكين وسحروا على الناس ، وأخذوا بذلك أموالهم وفعلوا وفعلوا وليس ما فعلوا الا
الكفر بآيات الله وكتبه ، ولقد علموا من دينهم ومذهبهم أنه لمن اشترى وطلب السحر ،