واليدين أخف من غسل الرأس والرجلين ، وإنما وضعت الفرائض على قدر أقل الناس طاقة من أهل الصحة ، ثم عم فيها القوى والضعيف ومنها أن الرأس و الرجلين ليس هما في كل وقت باديان وظاهران (١) كالوجه واليدين ، لموضع العمامة والخفين وغير ذلك.
فان قال : فلم وجب الوضوء مما خرج من الطرفين خاصة ، ومن النوم دون ساير الاشياء؟ فقيل : لان الطرفين هما طريق النجاسة ، وليس للانسان طريق تصيبه النجاسة من نفسه إلا منهما ، فامروا بالطهارة عندما تصيبهم تلك النجاسة من أنفسهم ، وأما النوم فان النائم إذاغلب عليه النوم يفتح كل شئ منه واسترخى ، فكان أغلب الاشياء كلها فيما يخرج منه ، فوجب عليه الوضوء بهذه العلة.
فان قالوا : فلم لم يؤمروا بالغسل من هذه النجاسة كما امروا بالغسل من الجنابة؟ قيل : لان هذا شئ دائم غير ممكن للخلق الاغتسال منه كلما يصيب ذلك ولايكلف الله نفسا إلا وسعها ، والجنابة ليس هي أمرا دائما إنما هي شهوة يصيبها إذا أراد ، ويمكنه تعجيلهاو تأخيرها للايام الثلاثة والاقل والاكثر ، وليس هاتيك هكذا (٢).
توضيح : قوله عليهالسلام : «ليس همافي كل وقت» أي لا يحصل فيهما من الدنس و القذر مايحصل في الوجه واليدين ، لكونهما غالبا باديين ، قوله عليهالسلام : « فكان أغلب
____________________
(١) كذافى النسخ : والرفع فيهما على الغاء ليس من العمل بمعنى فرض دخولها على الجملة الاسمية «هما باديان» ويظهر من طبعة الكمبانى أنه صحح «باديين وظاهرين» وهو الاشبه بقواعد العلم ، على نحو قوله (ع) : «ليس هى أمرا دائما» فيما يأتى من لفظ الحديث.
(٢) علل الشرايع ج ١ ص ٢٤٤ و ٢٤٥ وفيه «وليس ذانك» وفى العيون «وليس ذلك».