مولانا علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن ابراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي ، عن محمّد بن سنان ، عن صالح بن عقبة ، عن عمرو بن ابي المقدام ، عن أبيه ، عن حبّة العرني قال : بينا أنا ونوف نائمان في رحبة القصر ، إذ نحن بأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، في بقيّة من اللّيل ، واضعاً يده على الحائط شبه الواله ، وهو يقول : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) (١) إلى آخر الآية ، قال : ثمّ جعل يقرأ هذه الآيات ، ويمرّ شبه الطّائر [ عقله ] (٢) فقال : « اراقد يا حبّة أم رامق ؟ » قال قلت : رامق ، هذا أنت تعمل هذا العمل فكيف نحن !؟ قال : فارخى عينيه فبكى ، ثم قال لي : « يا حبّة ، إنّ لله موقفاً ولنا بين يديه موقف ، لا يخفى عليه شيء من اعمالنا ، يا حبّة انّ الله اقرب اليك وإلىّ من حبل الوريد ، يا حبّة انّه لن يحجبني ولا ايّاك عن الله شيء ، قال : ثم قال : اراقد يا نوف ؟ » قال ، قال : لا ، يا أمير المؤمنين ، ما أنا براقد ولقد أطلت بكائي هذه الليلة ، فقال : « يا نوف إن طال بكاؤك في هذا اللّيل مخافة من الله عزّ وجلّ ، قرّت غداً عيناك بين يدي الله عزّ وجلّ ، يا نوف إنّه ليس من قطرة قطرت من عين رجل من خشية الله ، إلّا اطفأت بحاراً من النّيران ، يا نوف إنّه ليس من رجل اعظم منزلة عند الله ، من رجل بكى من خشية الله ، واحبّ في الله ، وابغض في الله ، يا نوف من أحبّ في الله لم يستأثر على محبّيه ، ومن ابغض [ في الله ] (٣) لم ينل مبغضيه خيراً ، عند ذلك استكملتم حقائق الايمان » ثمّ وعظهما وذكّرهما وقال في أواخره : « فكونوا من الله على حذر ، فقد انذرتكما » ثم جعل يمرّ وهو يقول : « ليت شعري في غفلاتي ، أمعرض انت عنّي أم ناظر إليّ !؟ وليت شعري في طول منامي ، وقلّة شكري في نعمك عليّ ، ما حالي !؟ » قال : فوالله ما زال في هذا الحال حتّى طلع الفجر .
____________________________
(١) البقرة ٢ : ١٦٤ ، آل عمران ٣ : ١٩٠ .
(٢ ، ٣) أثبتناه من المصدر .