لله عز وجل عبادة يقبلها ويرضاها إلا وبابها التواضع ، ولا يعرف ما في معنى حقيقة التواضع إلا المقربون من عباده المتصلون بوحدانيته ، قال الله عز وجل : ( وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ) (٣) وقد أمر الله عز وجل أعز خلقه وسيد بريته ، محمداً ( صلى الله عليه وآله ) ، بالتواضع فقال عز وجل : ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (٤) والتواضع مزرعة الخشوع والخضوع والخشية والحياء ، وانهن لا ينبتن إلّا منها وفيها ، ولا يسلم الشوق التام الحقيقي إلّا للمتواضع في ذات الله تبارك وتعالى » .
[ ١٣٠٨٨ ] ١٣ ـ الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول : عن هشام بن الحكم ، عن الكاظم ( عليه السلام ) ، أنه قال : « في الإِنجيل : طوبى للمتراحمين ، أُولئك هم المرحومون يوم القيامة ـ إلى أن قال ـ طوبى للمتواضعين في الدنيا ، أُولئك يرتقون منابر الملك يوم القيامة » .
وقال ( عليه السلام ) (١) : « يا هشام إن الزرع ينبت في السهل ولا ينبت في الصفا ، فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع ولا تعمر في قلب المتكبر الجبار ، لأن الله تعالى جعل التواضع آلة العقل ، وجعل التكبر من آلة الجهل ، ألم تعلم أن من شمخ إلى السقف برأسه شجه ، ومن خفض رأسه استظل تحته وأكنه ، فكذلك من لم يتواضع لله خفضه الله ، ومن تواضع لله رفعه ـ إلى أن قال ( عليه السلام ) (٢) ـ واعلم أن الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم ، ولكن رفعهم بقدر عظمته ومجده » الخبر .
[ ١٣٠٨٩ ] ١٤ ـ وعن عبدالله بن جندب ، عن الصادق ( عليه السلام ) ، أنه قال
____________________________
(٣) الفرقان ٢٥ : ٦٣ .
(٤) الشعراء ٢٦ : ٢١٥ .
١٣ ـ تحف العقول ص ٢٩٣ .
(١) تحف العقول ص ٢٩٦ .
(٢) المصدر نفسه ص ٢٩٧ .
١٤ ـ تحف العقول ص ٢٢٤ .