زيفهم ، لا سيّما تلك الثورات التي رفعت شعارات الثأر للإمام الحسين عليهالسلام ، وإن كان بقي بعيداً عن بعضها ؛ إذ لم يرد عليهالسلام أن يتحمّل مسؤولية الدماء التي ستُراق فيها بغير حق أولاً ، ولعدم تنسيق رجالها معه ثانياً ، وعدم وضوح منطلقاتها وأهدافها ، والتمثيل الذي ينفَّذ بقتلاها ثالثاً ورابعاً...
ولعلّ ثورة التوابين بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي ، وكذلك ثورة المختار ، كانتا أبرز الأمثلة علىٰ تعضيد الإمام سرّاً لمثل هذه الحركات ، ولو بدرجة من الدرجات ، رغم أنّه لم يعلن ارتباطه المباشر معها ، ولكنه ترك الأمر لعمّه محمد بن الحنفية لكي يتعامل مع روادها بحكمة ودقّة ، مشيراً إليه باختصار : « يا عم ، لو أن عبداً تعصّب لنا أهل البيت ، لوجب علىٰ الناس مؤازرته ، وقد أوليتُك هذا الأمر ، فاصنع ما شئت.. » (١).
ويُشير العديد من المؤرخين أنّه (لما أرسل المختار برؤوس قتلة الإمام الحسين عليهالسلام وأولاده وأصحابه إلىٰ الإمام ، خرّ الإمام ساجداً ودعا له وجزّاه خيراً) (٢).
أما ما ينقله بعض المؤرخين من سلبية موقف الإمام السجاد من المختار وثورته فإنّه يمكن أن يُقرأ من ثلاثة أبعاد :
الأول : هو محاولة هؤلاء المؤرخين تشويه تلك الثورة التي أدخلت السرور علىٰ بنات المصطفىٰ ونساء الرسالة (٣) ، وإن جنحت في بعض
_______________________
(١) المختار الثقفي / أحمد الدجيلي : ٥٩. وراجع : مناقب آل أبي طالب ٤ : ١٥٧.
(٢) رجال الكشي : ١٢٥ ـ ١٢٧. وشرح الاَخبار ٣ : ٢٧٠. وتاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٥٩.
(٣)
جاء في تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٥٩ ما نصّه : (وروى بعضهم أن علي بن الحسين لم يُرَ
ضاحكاً