أن يوظّفها الحاكم الظالم إلىٰ شرعيته المزيفة ، فأبىٰ الإمام عليهالسلام إعطاء السيف ، فكتب إليه عبدالملك يهدّده بأن يقطع رزقه من بيت المال... فأجاب الإمام عليهالسلام : « أما بعد.. فإنّ الله تعالىٰ ضمن للمتقين المخرج من حيث يكرهون ، والرزق من حيث لا يحتسبون ، وقال جلّ ذكره : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ) ، ثم قال : فاُنظر أيّنا أولىٰ بهذه الآية ؟ » (١).
ويظهر من رفض الإمام إعطاء السيف ، وتوظيفه لهذه الآية الكريمة ، وقوله : (أيّنا أولىٰ بها) ! واستصغاره لتهديد الخليفة بقطع رزقه من بيت المال واستهانته بطلبه ، أن القطيعة بالغ حدّها بين الطرفين ، وأن المواجهة في أقصاها ، وأن كلمة الحجاج الثقفي الذي كتب إلىٰ عبدالملك ما نصه (إنّ أردت أن يثبت ملكك ، فاقتل علي بن الحسين) (٢) ، إنّما تعبّر تعبيراً دقيقاً هي الاُخرىٰ ، عن شدّة المواجهة وعمق الأزمة وخطورة الموقف.
كان هذا إذن موقف الإمام عليهالسلام مع عبدالملك بن مروان أو بعض مواقفه ، وهكذا كان موقفه عليهالسلام مع هشام بن عبدالملك ، في قضية الحجر الأسود المارّة الذكر ، وكيف أن الأمويين سجنوا الفرزدق علىٰ قصيدة شعرية اعتبروها إهانة لمقام الخلافة ، فيما سارع الإمام السجاد عليهالسلام للاتصال بالفرزدق وهو في السجن ، ووصله بشيء رمزي من المال تعضيداً له علىٰ موقفه ، ومكافأة لموقفه الشجاع ذاك ، وتعبيراً عن مواساةٍ واضحة المقاصد والأهداف في العرف السياسي السائد...
_______________________
(١) اُنظر المناقب / ابن شهرآشوب ٤ : ٣٠٢. وبحار الأنوار ٤٦ : ٩٥. والآية من سورة الحج٢٢ / ٣٨.
(٢) بحار الأنوار ٤٦ : ٢٨.