عشرين رجلاً يحبوننا أهل البيت » كما قال الإمام زين العابدين عليهالسلام (١) ، ولم يبقَ من خيار أمام الإمام إلّا التحرك بحذر وتؤدة ، ربما لا يُفهمان حتىٰ من قبل بعض المخلصين الذين يريدون أو يرغبون موقفاً علنياً صريحاً تجاه تحركاتهم التي تُحسب عليه ولا تحسب عليهم باعتباره الرمز والمحور وهو المتهم بأنه المحرّك لكلِّ تيار معارض أو متململ ضد السلطة والحاكم.
وبذلك فإنّه أوحىٰ للسلطة بأنه ابتعد تماماً عن العمل السياسي وانصرف للتعبّد والدعاء ، وهو من ناحية اُخرىٰ يسعىٰ إلىٰ تركيز المفهوم الإمامي الذي أُولىٰ أولوياته مواجهة الظالم بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...
وهنا حار المؤرخون فعلاً في تشخيص موقف الإمام من حركات المعارضة وخاصة تلك التي اشتعلت قريباً منه ، أو تلك التي رفعت شعارات شيعية مثل ثورة التوابين بقيادة سليمان بن صُرد الخزاعي ، أو ثورة المختار وشعارها المعروف : «يالثارات الحسين» !!
فمن قائلٍ إنّه عليهالسلام تبرّأ من ثورة المختار مثلاً ، إلىٰ قائل إنّه حينما جيء له برأس عبيدالله بن زياد ورأس عمر بن سعد وببعض قتلة الحسين ، خرّ ساجداً لله قائلاً : « الحمدُ لله الذي أدرك ثأري من أعدائي ، وجزى الله المختار خيراً » (٢).
ومنهم من قال إنّه لم يُجب علىٰ رسالة المختار ورفض دعوته ببيعته له عليهالسلام ، وإن ذلك من حقّه ، لكون المختار لم يَستَشِرْه في تحركه أو حركته
_______________________
(١) الإمام السجاد عليهالسلام / حسين باقر : ٦٣.
(٢) رجال الكشي : ١٢٧ / ٢٠٣ عن عمر بن علي بن الحسين. ومناقب آل أبي طالب ٤ : ١٥٧.