تتعمّد قتله ، وأنت حرّ لوجه الله » وأخذ في جهاز ولده ودفنه (١) ، فإنّها قصة تعبّر عن تسامٍ رفيع ومناقبية عظيمة راحت حكاية للأجيال.
وقصته الاُخرىٰ مع جارية له كانت تحمل له إبريقاً ، إذ سقط الابريق من يدها ليشجّ وجه الإمام ويسيل دمه ، وحين اضطربت ، معتذرة إليه قائلة ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ) قال لها : « كظمتُ غيظي » فقالت : ( وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ) قال : « عفا الله عنك » فقالت : ( وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) قال « أنتِ حرّة لوجه الله » (٢).
هذه القصة هي الاُخرىٰ جاءت في سياق هذه التربية الرسالية الهادفة لذلك الغرض النبيل ، وهو تعليم الناس دين الله وأخلاق الإسلام ، والتثقيف بثقافة القرآن.
أقول : إنّ هذه التربية السامية والخلق الرفيع كانا يسريان في نفوس عبيد الإمام وإمائه ، بحيث صار عليهالسلام يوماً إلىٰ بستان له كان بعهدة أو تحت حراسة أحد غلمانه ، ذهب الإمام إلىٰ ذلك البستان يحمل معه طعاماً للحارس ، فأعطىٰ الإمام الطعام للغلام وتنحّىٰ جانباً يراقب من بعيد ، كان للغلام كلب واقف قريباً منه والغلام يأكل والكلب ناظر إليه ، وحين شاهده راح يأكل لقمةً ويعطيه لقمة حتىٰ انتهىٰ من طعامه ، وحين فاجأه الإمام أن الطعام كان له وليس لكلبه ، جاء جوابه : (والله يا ابن رسول الله إني استحييت أن آكل أمامه وهو دالع لسانه ينظر إلىٰ الطعام ولا أشاركه أو يشاركني..). هذا مع الكلب ، فكيف مع الناس !! وروايات وحكايا ومواقف كثيرة اُخرىٰ من هذا القبيل...
_______________________
(١) بحار الأنوار ٤٦ : باب ٥ ـ ٨١.
(٢) سيرة الأئمة الاثني عشر / هاشم معروف الحسني : ١٥٥.