فكان يهدي أفخر ثيابه للمحتاجين والمعوزين (١) ، وكان يحمل جرابه ـ كما ذكرنا ـ ملثّماً في جوف الليل يوزّع المال والطعام علىٰ الفقراء والمساكين وذوي العسر والفاقة من يتامىٰ وأرامل المسلمين. وكان يسمىٰ (صاحب الجراب) (٢) ـ كما مرّ ـ.
وجاء في رواية أحمد بن حنبل والصدوق عن الإمام الباقر عليهالسلام أنّه كان يعول مائة بيت في المدينة (٣).
ويقول أبو نعيم في حلية الأولياء : (كانت بيوتٌ في المدينة تعيش من صدقات علي بن الحسين ، وبعضها لا تدري من أين تعيش ، فلمّا مات علي بن الحسين فقدوا ما كان يأتيهم ، فعلموا بأنّه هو الذي كان يعيلهم. وقال بعضهم : ما فقدنا صدقة السرّ حتىٰ فقدنا علي بن الحسين) (٤).
وينقل أبو جعفر الصدوق ، في «علل الشرائع» ، عن سفيان بن عيينة (رأىٰ الزهري عليّاً بن الحسين في ليلة باردة مطيرة وعلىٰ ظهره دقيق وحطب وهو يمشي فقال له : يا ابن رسول الله : ما هذا ؟
قال : « أريدُ سفراً أعدُّ له زاداً أحمله إلىٰ موضعٍ حريز » ، فقال الزهري : فهذا غلامي يحمله عنك ، فأبىٰ ، فقال : أنا أحمله عنك. فقال : « لكني لا أرفع عن نفسي عما يُنجيني في سفري ويُحسن ورودي علىٰ ما سأرِد عليه ، سألتك بالله لمّا مضيت في حاجتك وتركتني ! » (٥) !!
ويروي الزهري أيضاً : (لما مات زين العابدين فغسّلوه وجدوا علىٰ
_______________________
(١) المحاسن : ٣٩٦. والبحار ٤٦ : ٧٢.
(٢) مناقب آل أبي طالب / المازندراني ٤ : ١٥٣.
(٣) سيرة الأئمة الاثني عشر / هاشم معروف الحسني : ١٥٨.
(٤) سيرة الائمة الأثني عشر : ١٥٩.
(٥) مناقب آل أبي طالب ٤ : ١٥٤.