ظهره محل «أي علامة» فبلغني أنّه كان يستقي لضعفة جيرانه بالليل. وقيل : وجدوا علىٰ ظهره مثل ركب الإبل ممّا كان يحمله علىٰ ظهره إلىٰ منازل الفقراء) (١).
وكان يفسّر إهداء ثيابه لفقراء المسلمين ، أن ذلك يُسرهم ويؤثّر في نفوسهم ، وحين يُسئل لمَ لا تبيعها وتتصدّق بثمنها ؟ يجيب : « إنّي أكره أن أبيع ثوباً صلّيتُ فيه » (٢).
وهذا يعني أنه عليهالسلام كان يعتقد أن من سيرتدي ثوبه هذا سيكون مسروراً وحافظاً لودّ الإمام المحسن ، «والناس عبيد الإحسان» كما يقولون ، مجسداً رؤية النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم « تهادوا تحابوا » كما في الحديث الشريف ، فضلاً عن كونه عملاً تربوياً يتجاوز حدود المواساة الأخلاقية والروحية التي تكتفي فقط بالكلمات والمشاعر ولغة العواطف ولا تتعداها.. بل أكثر من ذلك أنّه عليهالسلام كان لا يكتفي بمساعدة الفقراء ، بل كان يُقبّل أيديهم قبل أن يناولهم الصدقة (٣) مذكراً مرة اُخرىٰ بمقولته المشهورة : « مرحباً بمن يحمل زادي إلىٰ الآخرة ».
وعن زهده في الحياة الدنيا وترفعه علىٰ حطامها ومتاعها وزخرفها ، تشير كل تفاصيل حياته عليهالسلام انّه كان أزهد أهل زمانه وأورعهم وأتقاهم..
ينقل عبدالله بن المبارك أنّه شاهد الإمام في موسم الحج وهو يسير بلا زاد ولا راحلة. قال : فقلت له : مع من قطعت البرّ ؟! قال : « مع البار ». فقلت : يا ولدي وأين زادك وراحلتك ؟! فأجاب : « زادي تقواي ،
_______________________
(١) المصدر السابق : ١٥٤.
(٢) البحار ٤٦ : باب ٥ ـ ٧٧.
(٣) المصدر السابق.