الاُولىٰ التي لم يستطع أي مؤرخ التنكّر لها مهما جنح أو تحامل أو تحيّز.
ومن أجمل مصاديق هذه التجربة ، بل أصدق رجالها الذين زاوجوا بجدارة بين المفهوم والمصداق ، والقول والفعل ، هو الإمام زين العابدين عليهالسلام الذي جاء امتداداً حقيقياً لمدرسة النبي المصطفىٰ محمد بن عبدالله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومدرسة جدّه علي بن أبي طالب عليهالسلام صوت العدالة الانسانية وبقي نموذجاً شاهداً ، وبقيّة صالحة من أبيه الحسين بن علي عليهماالسلام ، الذي قدّم لرسالته ودينه مالم يقدمه إنسان علىٰ وجه الأرض في عمق إيمانه وصدق تضحيته وإخلاص نيّته ونبل سلوكه وإبائه وشهامته ورساليته..
وحين نقول المصاديق ، أو تجربة المصاديق ، فاننا نعني أنّ مصداقها الأول والأكثر تجلياً وسطوعاً ، وعلىٰ المستويين النظري والتطبيقي ، هو شخصية واضع هذه التجربة أو رائدها وزعيمها ، وهو موضوع بحثنا الإمام زين العابدين عليهالسلام.
ولمّا كنا استعرضنا بعض تفاصيل حياة هذا الرجل العظيم في بعض مصاديقها العملية ، واكتشفنا ظهراً محدودباً يتفقد الأرامل واليتامىٰ في جوف الليل ، يحمل المؤن والمساعدات لمن لا معيل لهم ولا كفيل ، وهو أفقه أهل زمانه وأكثرهم علماً وورعاً ومعروفية ، ثم رأينا علىٰ محياه دموعاً ساخنة تجري بغزارة لتأكيد الانفعال الصادق الطاهر مع المضطهدين والمعذّبين ، مشفوعة بيقينٍ ثابت برجاء ثواب الله ، واعتقاد راسخ بآخرة باقية أفضل من أولىٰ فانية ، وإن غيبتها السياسة ومترفوها وتجارها.
من هنا لم يبق إلّا أن نقول وبلا تردّد
، أن هذا المصداق أنشأ وأسس